السائح الخليجي – هدى الشريف
أدى ارتفاع أسعار السياحة الداخلية في الجزائر إلى توجه العديد من المواطنين نحو السفر الخارجي، خاصةً مع توفير دول الجوار مثل تونس ومصر وتركيا عروضاً سياحية بأسعار تنافسية. وقد جذبت العروض المغرية التي تروجها وكالات السفر الأجنبية انتباه الجزائريين، مما دفعهم تدريجياً للابتعاد عن الوجهات المحلية ذات التكاليف المرتفعة وغير المبررة.
وقد قدمت وكالات السفر الجزائرية بدورها عروضاً متنوعة للسفر إلى دول أجنبية بأسعار أقل بكثير من تكلفة العطلات المحلية. فعلى سبيل المثال:
– رحلة إلى إسطنبول (تركيا) لمدة أسبوع: 120 ألف دينار (500 دولار).
– رحلة إلى شرم الشيخ والقاهرة (مصر): 200 ألف دينار (850 دولاراً).
أما العروض المتجهة إلى تونس، فقد غزت منصات التواصل الاجتماعي بسبب انخفاض تكاليفها، حيث تُقدَّم إقامة لمدة 6 أيام في فنادق فاخرة مع خدمات النقل والأنشطة السياحية مقابل 40 ألف دينار (180 دولاراً).
في المقابل، يواجه السياح الراغبون في قضاء عطلاتهم داخل الجزائر تكاليف باهظة، حيث يبدأ إيجار المساكن في الولايات الساحلية (مثل جيجل، سكيكدة، بجاية، عين تموشنت، وعنابة) من 3,500 دينار للليلة الواحدة، ما يعني أن تكلفة 10 أيام تصل إلى 35 ألف دينار، دون احتساب مصاريف النقل والطعام والأنشطة الترفيهية الإضافية التي ترفع التكلفة الإجمالية بشكل كبير.
وأوضحت مصادر سياحية جزائرية أن السياحة الداخلية، رغم ارتفاع أسعارها، “تقدم تجارب نوعية لكنها تحتاج إلى تطوير شامل وتحسين الخدمات وزيادة المرافق السياحية”. مشيرةً إلى أن القطاع تمكن من رفع عدد الأسرة الفندقية من أقل من 100 ألف سرير إلى 170 ألف سرير، مع توقعات ببلوغ 200 ألف سرير قبل 2030. إلا أن هذا النمو لم ينعكس على الأسعار التي يراها كثيرون “غير منطقية” مقارنة بالدول المجاورة.
وأكدت المصادر أن الدولة بدأت في تنظيم تأجير المساكن السياحية عبر تقنين الإقامة لدى السكان، “وهو ما سيوفر حماية قانونية للسائح وصاحب المسكن ويساعد في ضبط الأسعار وتحسين الجودة”. كما أشارت إلى مشاريع استثمارية جديدة مثل “القرية المتوسطية” التي تضم 3,000 سرير كخطوة نحو تحسين المعروض السياحي المحلي.
من جهتهم، أوضح ممثلون عن الوكالات السياحية أن “تكلفة النقل الجوي تشكل أكثر من 60% من سعر الرحلة السياحية الخارجية”، مع ذلك تظل الأسعار الخارجية أقل من التكاليف المحلية. مفيدين بأن “سعر تذكرة السفر يعادل إقامة أسبوع كامل في فندق داخلي”، مما يدفع الجزائريين لتفضيل الخارج بحثاً عن “جودة أعلى وسعر أقل”.
وأجمع العاملون في القطاع أن الجزائر تمتلك إمكانات سياحية متنوعة تشمل:
– السياحة الحموية عبر 280 منبعاً.
– السياحة الصحراوية والشاطئية والجبلية.
– تنوع ثقافي يعكسه 450 عيداً محلياً و17 مطاراً دولياً.
إضافة إلى تصنيفها كواحدة من “أكثر الدول أماناً في العالم”. لكن هذه الإمكانات “لم تُستغل بالشكل المطلوب ولم تُروَّج كافياً”، مما دفع المواطنين – كما جاء في تصريح ممثل الوكالات – إلى “اكتشاف العالم قبل اكتشاف بلدهم”.