كتبت : هدى الشريف
يتابع القطاع الثقافي والسياحي في الإمارات بترقب نتائج تقييم “مركز التراث العالمي” التابع لليونسكو، بشأن إدراج مواقع جديدة ضمن قائمة التراث العالمي، ويُعتبر موقع “الفاية” في إمارة الشارقة أحد أبرز المرشحين العالميين لهذه القائمة.
حمل الملف الإماراتي المُقدم تحت عنوان “المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية”، والذي تم تقديمه عبر إمارة الشارقة، تأكيداً على التزام الدولة بحماية الإرث الإنساني وتعزيز مكانة المواقع الأثرية التي تساهم في كشف تاريخ البشرية القديم. ويُبرز الموقع، الواقع في المنطقة الوسطى بالشارقة، دليلاً على تكيّف الإنسان الأول مع البيئات الصحراوية القاسية، كما يضم أقدم آثار للوجود البشري المُتواصل في شبه الجزيرة العربية منذ 210 آلاف عام، مما يمنحه قيمة عالمية استثنائية في مجالات الآثار والأنثروبولوجيا.
رُشح الموقع رسمياً عام 2024 ضمن فئة “المشهد الثقافي”، ويخضع حالياً لتقييم خبراء اليونسكو، إلى جانب عدد محدود من المواقع العالمية الأخرى.
وتقود الشيخة بدور بنت سلطان القاسمي، سفيرة ملف الترشيح الدولي «المشهد الثقافي لعصور ما قبل التاريخ في الفاية»، جهود التعريف العالمي بهذا الترشيح، إذ يعكس دورها جهداً وطنياً جماعياً يهدف إلى الارتقاء بالمكانة الدولية للموقع، وترسيخ ريادة دولة الإمارات في مجالات الحفاظ على التراث الإنساني، والدبلوماسية الثقافية، والتقدم العلمي.
وأكّدت الشيخة بدور القاسمي أهمية الترشيح في إثراء التراث العالمي. وقالت: «يقدم (الفاية) واحداً من أقدم السجلات المتكاملة للوجود البشري المبكر في شبه الجزيرة العربية قبل أكثر من 210 آلاف عام، وهو أرشيف حي، يعمق فهمنا لهويتنا وجذورنا والطريقة التي تعلمنا بها فنون البقاء».
وأضافت: «ترشيح (الفاية) لإدراجه ضمن قائمة مواقع التراث العالمي التابعة لليونسكو يؤكد أهمية الحفاظ على هذه المواقع القديمة، ليس فقط لقيمتها التاريخية، بل أيضاً لما تحمله من قدرة على إعادة توجيه الأجيال الجديدة وتعزيز دورهم في بناء راهننا ومستقبلنا، وأرى أن هذا الترشيح يشكّل فرصة للارتقاء بمكانة (الفاية) كإرث إنساني مشترك لجميع الشعوب».
اكتشافات أثرية
جدير بالذكر أن أعمال التنقيب التي قادتها هيئة الشارقة للآثار بالتعاون مع جامعات عالمية (مثل توبنغن الألمانية وأكسفورد بروكس البريطانية) كشفت عن 18 طبقة جيولوجية في الموقع، تُوثّق مراحل متعددة من النشاط البشري القديم، مما يؤكد أن “الفاية” لم يكن مجرد ممر للهجرات، بل منطقة استيطان دائمة بفضل توافر المياه من الينابيع والوديان، ووفرة الصوان لصناعة الأدوات، والمأوى الطبيعي في الجبال، ما جعل من الموقع بيئة حاضنة للاستقرار البشري في عصور ما قبل التاريخ.