الباحة.. محطة خالدة في مسارات الحجيج عبر التاريخ

admin
admin 14 Views
2 Min Read

كتبت: سارة هليل 

برزت منطقة الباحة منذ القدم كإحدى المحطات البارزة التي سلكها الحجاج، حيث تمر عبرها مسارات تاريخية لقوافل الحج والتجارة، لا تزال آثارها تشهد على أكثر من ألفي عام من العبور، الإيمان، والتبادل الحضاري.

 

تحتضن الباحة ثلاث طرق رئيسة، تعكس أهميتها الجغرافية بصفتها همزة وصل بين جنوب الجزيرة العربية والحجاز، ومركزًا فاعلًا في شبكة المواصلات القديمة. أول هذه الطرق هو “طريق الحج النجدي”، المعروف أيضًا بـ”درب الفيل” أو “درب البخور”، والذي يمتد شرق المنطقة. يُعد هذا الطريق من أقدم المسارات التاريخية في الجزيرة، حيث استخدمته القوافل التجارية منذ آلاف السنين لنقل البخور واللبان من الجنوب إلى الشمال، قبل أن يتحوّل إلى طريق رئيسي للحجيج القادمين من وسط وشرق الجزيرة.

 

الطريق الثاني هو “طريق الحج السروي”، الذي يعبر جبال السراة الشعفية، ويمر بعدة قرى مطلة على تهامة مثل: الحال، وبني سالم، وبني سعيد، ثم يتجه نحو مدينة الباحة، مرورًا بقرى زهران الشعفية وبني مالك، وصولًا إلى ترعة ثقيف فالطائف، ثم مكة المكرمة. يُعد هذا الطريق مسارًا حيويًا لطالما سلكته القوافل القادمة من الجنوب والمناطق الجبلية.

 

أما الطريق الثالث فهو “درب الصدور”، ويُعد من أبرز الطرق ذات الأهمية الدينية والتجارية، حيث يقطع أسافل الجبال ويمتد عبر سهول تهامة العليا. ويكتسب هذا الطريق أهمية تاريخية خاصة، إذ تشير بعض المصادر إلى أنه كان من المسارات التي سلكها النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- في شبابه أثناء رحلاته التجارية إلى “سوق حباشة” في أعلى وادي قنونا، حين كان يعمل في تجارة السيدة خديجة بنت خويلد -رضي الله عنها- قبل البعثة النبوية.

 

هذه الطرق ليست مجرد مسارات عابرة، بل شواهد حضارية على تلاقي الشعوب، وتفاعل الثقافات، وتاريخ الأديان. كما تمثل مفاتيح لفهم حركة الإنسان في الجزيرة العربية عبر العصور، ما يدعو إلى توثيقها، ودراسة معالمها، والاستفادة منها ضمن مشاريع السياحة الثقافية والتراثية.

 

ومع هذه الخلفية العريقة، تبرز الباحة كوجهة فريدة، عبرت من خلالها القوافل بين السهول والجبال، تاركة آثارًا لا تزال تحكي قصص العابرين، وتؤكد أهمية المنطقة دينيًا وتاريخيًا، ودورها الحيوي في ربط جنوب الجزيرة بشمالها ومكة المكرمة.

Share this Article
Leave a comment