السياحة العلاجية في الإمارات: نهج حكومي يرسم خريطة الصحة العالمية

admin
admin 10 Views
3 Min Read
هدى الشريف

 

 

بقلم هدى الشريف 

 

بين توهج الصحراء وازدهار المدن، تشق دولة الإمارات طريقاً استثنائياً نحو ريادة السياحة العلاجية العالمية، مدعومة برؤية حكومية طموحة واستثمارات استراتيجية تركز على الجودة والابتكار. ففي عام 2024، أطلقت دبي استراتيجية متكاملة تستهدف جذب 500 ألف سائح علاجي بحلول 2025، تعكس التزام القيادة بتحويل الدولة إلى مركز إشعاع صحي دولي. وتجسد المشاريع الحكومية الضخمة هذه الرؤية، بدءاً من “مركز العلاج بالبروتون” المتوقع افتتاحه في دبي عام 2028 – وهو الأول من نوعه في المنطقة بالشراكة مع المركز الوطني للسرطان في سنغافورة – والذي سيسهم في علاج 3,000 حالة سنوياً، خاصة أورام الأطفال والحالات المعقدة، مما يقلل الاعتماد على العلاج الخارجي.

 

 

وتعد “مدينة دبي للاستشفاء” (DHCC) إحدى الركائز الأساسية لهذا التحول، حيث تجاوزت استثماراتها الحكومية 1.7 مليار درهم، متجاوزة مستهدفاتها بجذب 600 ألف سائح علاجي خلال 2024. وتمثل المدينة نموذجاً للتميز الطبي المعتمد عالمياً، حيث تضم مؤسسات رائدة . وفي سياق متكامل، تبرز “المدينة الطبية لطب المرأة والطفل” في أبوظبي كمشروع حكومي متكامل يدمج مستشفى الكورنيش المتخصص مع مراكز إعادة التأهيل والصحة النفسية، تماشياً مع السياسة الوطنية لصحة المرأة التي أقرها مجلس الوزراء.

 

 

وتدعم هذه المشاريع الكبرى سياسات مؤسسية طموحة، أبرزها “الاستراتيجية الوطنية للسياحة 2031” التي تخصص 100 مليار درهم للاستثمار في مشروعات سياحية وصحية متكاملة، وتهدف لرفع مساهمة القطاع في الناتج المحلي إلى 450 مليار درهم. كما تتكامل هذه الجهود مع أجندة “D33” الاقتصادية التي تسعى لجعل دبي أفضل مدينة عالمية للعيش، من خلال مبادرات رقمية رائدة مثل “بوابة تجربة دبي الصحية” (DXH) – أول منصة سياحية علاجية عالمية تديرها هيئة الصحة – التي توحد خدمات التأشيرات الطبية والحجز الإلكتروني.

 

 

وعلى صعيد الابتكار، حققت المؤسسات الحكومية إنجازات طبية لافتة، مثل نجاح “مستشفى دبي” في إجراء عمليات نادرة كاستئصال أكبر ورم كظري في العالم، كما تعزز الدولة الجانب الوقائي عبر برامج رائدة مثل المسح الوطني للصحة والفحص الجيني قبل الزواج، بهدف بناء نظام صحي استباقي.

 

 

ورغم التحديات كالتكلفة ،تعالج الحكومة هذه المعضلة عبر حزم تأمينية دولية للسيّاح ودعم محلي للعلاجات المتخصصة. كما تعزز حضورها العالمي بأساليب مبتكرة كالتعاون مع منصات التأثير الرقمي ضمن “قمة المليار 2025” وتطوير بوابات إلكترونية متعددة اللغات.

 

 

من هنا تمثل السياحة العلاجية في الإمارات نموذجاً لتحول استراتيجي يرتكز على الاستثمار في الإنسان وتوظيف التكنولوجيا لخدمة البشرية. فالمشاريع الحكومية العملاقة – من العلاج بالبروتون إلى المدن الطبية المتكاملة – هي شواهد على إرادة وطنية لصنع مستقبل صحي يجمع بين التميز الطبي وتراث الضيافة العربية. وبقيادة هذه الرؤية، تتجه الإمارات لأن تحتل مكاناً بين أفضل 10 مدن عالمية في مؤشر العمر الصحي بحلول 2031، محققة شعارها: “الصحة.. ثروة الوطن والإنسان”.

 

 

 

Share this Article
Leave a comment