كتبت: سارة هليل
في قلب مكة، ووسط أجواء تنبض بالتراث والابتكار، جاء معرض “نسك هدايا الحاج” ليقدّم نفسه هذا العام تحت عنوان “وهج”، تجربة حسية وفنية تعبّر عن الذاكرة السعودية في أدق تفاصيلها.
المعرض الذي أقيم في مركز غرفة مكة للمعارض والفعاليات، لم يكن حدثًا عابرًا، بل لوحة حية من الإبداع المحلي، جمعت بين نُبل الحرفة وعمق الهوية، ووضعت الحرفيين والحرفيات السعوديين في دائرة الضوء، ليس فقط كصنّاع، بل كروّاة للحكاية السعودية.
هنا، لا تُعرض المنتجات وحسب، بل تُروى القصص: مجوهرات تُصقل بأنامل ذهبية، سبح تحاكي روح المكان، خواتم تحمل بداخلها حجارة نُقشت برؤية فنية، منحوتات تحاكي الخشب والحجر، وفخار يتنفس من الماضي. كما أضاءت زوايا المعرض أزياء تراثية، وتطريزات دقيقة، وأعمال خط ورسوم تشكيلية تنطق بجمال البساطة وروح الأرض.
“وهج” لم يكن فقط معرضًا لعرض الحرف اليدوية، بل منصة للتمكين الاقتصادي والثقافي، فتحت نوافذ جديدة أمام الحرفيين لتسويق منتجاتهم، وربط الماضي بالحاضر، وتحويل المهارات اليدوية إلى مصدر دخل واستدامة.
واستهدفت الفعالية جميع الفئات، مقدّمة مشغولات مستلهمة من البيئة المحلية بروح معاصرة، تُخاطب ذوق الزائر العصري دون أن تتخلى عن جذورها الأصيلة.
وتأتي هذه المبادرة في إطار جهود غرفة مكة لتفعيل دور الحرف كرافد اقتصادي وثقافي مهم، وإدماجه ضمن منظومة التنمية، بما يتماشى مع توجهات رؤية المملكة 2030، التي ترى في الثقافة والابتكار ركيزة لمستقبل أكثر تنوعًا وإشراقًا.
“نسك هدايا الحاج – وهج” ليس مجرد فعالية… بل حالة من الانتماء والإبداع، تُعيد الحرفة السعودية إلى واجهة الفخر، وتؤكد أن التذكار الحقيقي ليس فقط ما يُشترى، بل ما يُصنع بالحب ويُحمل بالهوية.