انطلقت بنا السيارة من مدريد الي طليطلة في الصباح الباكر , وبدت المدينة أمامنا من بعيد بمثابة اطلال وسط الجبال , مشهد غاية في الروعة والجمال , وبدت طليطلة لنا وكانها تحفة فنية عملاقة نحتت في حضن الجبل
وصلنا بالفعل الى مشارف المدينة التي تبعد عن مدريد 75 كليومترا رحنا نتجول سيرا علي الاقدام في احيائها وشوارعها الجميلة وقلاعها ومساجدها وكنائسها واسواقها وساحاتها ومقاهيها المنتشرة في كل زاوية وحارة
الداخل إلى طليطلة عليه أن يمر من بابها العربي القديم الذي يسمى “باب السهل” ويسمى اليوم “بورتا دي بساغرا” وهو الباب الرئيسي الكبير لمدينة طليطلة ويعتبر ملتقى الطرق المؤدية إليها كما يعتبر من الأبواب الأندلسية القديمة. وفي سنة 1550 عملت له واجهة كبيرة من قبل المعماري كوبا روبياس تكريما للملك كارلوس الأول، ثم وسّع الباب في زمن الملك فيليب الثاني وعمل له برجان كما نصب على واجهته شعار يحيط به نسر ذو رأسين. وعلى مسافة قليلة من باب السهل، ونحو الشرق، ينتصب هناك باب آخر يدعى باب الشمس. ويذكر أنه قد شيد في زمن المأمون ذي النون حاكم طليطلة في بداية القرن العاشر
وامضينا وقتا طويلا بجوار كاتدرائية طليطلة التي شيدت بين 1226-1493 على غرار كاتدرائية بوورج وتضم مكتبة كاتدرائية طليطلة ملايين المخطوطات والوثائق من القرنين الثامن والحادي عشر
وتتميز طليطلة على بقية المدن الإسبانية بأن فيها واحدا من أكبر الأسواق في العالم الذي يضم تحفا وهدايا خاصة ذات الطابع الأندلسي، وهي تشتهر كذلك بمصانع السجاد والسيوف والحفريات والعديد من الصناعات ذات المهارة اليدوية
كما زرنا منزل الفنان التشكيلي والمصور المعروف (ال غريكو 1540 م ) وقد وهو بمثابة متحف يكتظ بالزوار، خاصة الأجانب. وقد رسم ال غريكو مئات اللوحات الفنية بأسلوب تعبيري رائع وألوان انطباعية أحيانا وكانت غالبية مواضيعها دينية
وزائر طليطلة اليوم يشاهد ويجد آثار التقاليد الصناعية العربية تباع في أسواقها مثل التحف الفنية النادرة والمصنوعة بمهارة ، مثل مقابض السيوف المزينة بالعاج والأحجار الكريمة، كما لازال أهل طليطلة يحتفظون بتقاليدهم وعاداتهم الإنسانية الكريمة
كانت طليطلة قاعدة الغوط ودار مملكتهم، وقد اختلف المؤرخون في تاريخ نشأتها والأقوام التي شيدتها واستوطنتها. ويذكر المؤرخون بأن معنى طليطلة هو “فرح ساكنيها” وذلك لعظمتها وموقعها المميز والحصين حيث تقع على قمة جبل، ويلتف حولها نهر التاجة العميق من جهاتها الثلاث ماعدا الجهة الشمالية
افتتحها طارق بن زياد سنة 92 هجرية (711 م)، وضمن توزيع القبائل العربية على المدن الأسبانية، كانت طليطلة من نصيب القبائل اليمنية، وكانت الثغر الأوسط والمهم في شبه الجزيرة، وقد اتخذت في بادئ الأمر مقرا لأهم القيادات العسكرية الإسلامية في هذه المنطقة
وفى عهد محمد بن عبد الرحمن الأوسط عام (233هـ) خرجت عليه طليطلة فبرز إليها بنفسه وهزمهم، وانتظمت في عهد خلافة عبد الرحمن الناصر، وازدهر فيها فن العمارة
ابرز من معالم المدينة
اصبح الكازار (القصر بالعربية) في طليطلة ذا شهره عالمية في القرنين التاسع عشر والعشرين على النحو كأكاديميه عسكرية.. عند اندلاع الحرب الأهلية الأسبانية في 1936 دورته حامية بشكل مشهور كان الكازار محاصرا من قبل قوات الجمهوري
لقد كتب أحد المفكرين الأسبان واصفا أهمية القصر والمدينة بالنسبة إلى أسبانيا، فقال: “إذا كانت طليطلة زهرة أسبانيا فإن القصر زهرة طليطلة”. يذكر أن القصر أثر روماني قديم وعندما دخل المسلمون المدينة جددوه وحصنوه وجعله الحكم بن هشام، أمير الاندلس، سنة 797 م مقرا للإدارة والحكم. ويقع القصر في أعلى مكان من المدينة، وفي القسم الشرقي منها، وقد اتخذ هذا القصر صفة عسكرية ومقرا للحكم. كان مربعا أو مستطيل الشكل ومحاطا بأبراج مربعة الشكل .
مسجد باب المردوم أو مسجد نور المسيح هو من أقدم معالم طليطلة .تم بناؤه في سنة 390 هجرية (999 ميلادية). بعد احتلال المدينة من قبل الاسبان سنة 1085 م حوّل المسجد إلى كنيسة تسمى نور المسيح
كنيسة سان رومان الواقعة في طليطلة, و تم إعادة بنائها كليتاً في القرن الثالث عشر و إلحاق المنارة القديمة للمسجد بها. المنارة ذاتها التي أعلن منها حسب الأسطورة ألفونس الثامن ملكاً على قشتالة و هو لا يزال طفلا في حادي عشر من عمره