شركة “إيران للطيران” تستعد لعصر ما بعد العقوبات: تحركات استراتيجية لتوسيع الأسطول وبحث عن شراكات دولية

admin
admin 28 Views
5 Min Read

كتبت: سارة هليل 

في وقتٍ يترقب فيه العالم نتائج المحادثات النووية بين طهران وواشنطن، بدأت شركة “إيران للطيران” باتخاذ خطوات استباقية لتجهيز نفسها لمرحلة جديدة قد تشهد تخفيف القيود المفروضة منذ عقود. فمع استنزاف أسطولها الجوي بسبب العقوبات الغربية وتقييدها من دخول أسواق عالمية، تسعى الناقلة الوطنية الإيرانية جاهدةً لتحديث طائراتها وتوسيع شبكتها عبر بناء شراكات جديدة.

 

حضور لافت في ملتقى الطيران العالمي

 

ضمن فعاليات الاجتماع السنوي للاتحاد الدولي للنقل الجوي (IATA) الذي أقيم مؤخرًا في نيودلهي، استغلت إيران للطيران الفرصة للتواصل مع عدد من ممثلي شركات الطيران العالمية. ووفقًا لمصادر مطلعة، فقد أجرى مسؤولو الشركة الإيرانية اتصالات غير رسمية مع شركات مثل الخطوط الجوية اليابانية، والخطوط الفيتنامية، والخطوط الملكية المغربية، بهدف استكشاف إمكانية التعاون عبر اتفاقيات “المشاركة بالرمز” لتجاوز قيود التشغيل المفروضة حاليًا.

 

كما شارك مسؤولو الشركة في حفل استقبال أقامته شركة “بوينغ”، حيث بحثوا خيارات مستقبلية في حال فُتح المجال مجددًا أمام تصدير الطائرات الأمريكية إلى إيران. ورغم عدم عقد أي محادثات تجارية مباشرة خلال المناسبة، إلا أن المشاركة في مثل هذا الحدث تشير إلى نوايا واضحة لإيران للطيران في استكشاف السوق العالمية بجدية.

 

استراتيجية توسعية: من أقل من 50 طائرة إلى أسطول يتجاوز 100

 

الناقلة الإيرانية، التي يقع مقرها في طهران، تسعى إلى مضاعفة أسطولها من الطائرات، حيث تضع نصب أعينها الوصول إلى 100 طائرة على الأقل عبر صفقات مباشرة أو شراء طائرات مستخدمة من الأسواق الثانوية. وتُعد هذه الخطوة ضرورية لتلبية الطلب المتنامي على السفر من إيران وإليها، خاصة في ظل تعطل جزء كبير من طائراتها الحالية، التي يتجاوز عمر الكثير منها 20 عامًا.

 

العقوبات والتحديات التقنية لا تزال قائمة

 

رغم استعداد الشركة لتوسيع عملياتها، إلا أن العقوبات الأمريكية المستمرة تحظر حتى الآن بيع أو تصدير أي طائرات أو تقنيات أمريكية إلى إيران دون ترخيص خاص، ما يشمل حتى الشركات الأوروبية مثل “إيرباص” التي تستخدم مكونات أمريكية في طائراتها. ويخضع أي تجاوز لتلك القوانين لعقوبات جنائية ومدنية تفرضها وزارة الخزانة الأمريكية، مما يجعل التعامل مع إيران محفوفًا بالمخاطر للشركات الأجنبية.

 

وقد زاد الاتحاد الأوروبي من قيوده مؤخرًا، حيث حظر على شركة “إيران للطيران” تسيير رحلات إلى دول الاتحاد منذ عام 2024 بسبب دعم طهران العسكري لروسيا. ومع ذلك، لا تزال شركات طيران كبرى مثل “طيران الإمارات” و”الخطوط القطرية” و”الخطوط التركية” و”لوفتهانزا” الألمانية تُشغّل رحلات إلى طهران، مما يمنح إيران للطيران نافذة محدودة للحفاظ على حركة النقل الجوي.

 

رهان على آسيا بعد تراجع الحضور الأوروبي

 

وبينما تتقلص فرص الشركة في أوروبا، تتجه الأنظار شرقًا نحو آسيا، حيث تسعى إلى تفعيل خطوط جديدة نحو الصين، وتايلاند، والهند، وماليزيا، واليابان. وقد حصلت مؤخرًا على طائرتين مستعملتين من طراز إيرباص A330-200 من الصين، في خطوة تشير إلى تحول استراتيجي في التركيز الجغرافي.

 

أعمال الصيانة: الاكتفاء الذاتي رغم الصعوبات

 

في مواجهة نقص قطع الغيار وصعوبة الحصول على المكونات الأصلية، طورت “إيران للطيران” قدرة ذاتية على صيانة أسطولها، حيث تقوم بأعمال الإصلاح داخليًا، وتعتمد على شبكة من الوسطاء العالميين للحصول على مكونات مستعملة. ورغم ما يوفره هذا النهج من استمرارية التشغيل، إلا أنه يزيد من المخاطر التشغيلية ويصعّب قبول الطائرات الإيرانية ضمن منظومات الطيران الدولية المعيارية.

 

ماضٍ مثقل بالعقوبات وآمال مستقبلية مشروطة

 

منذ الثورة الإسلامية عام 1979، تواجه إيران للطيران عزلة جوية قاسية أجبرتها على إبقاء طائرات قديمة في الخدمة عبر إعادة تدوير الطائرات الخارجة من العمل. وفي عام 2015، أتاح الاتفاق النووي القصير الأمد فرصة محدودة للشركة للتعامل مع “بوينغ” و”إيرباص”، قبل أن تتوقف الصفقات بسبب تجدد التوترات السياسية.

 

اليوم، تتطلع إيران إلى انفراجة محتملة قد تتيح لها العودة إلى سوق الطيران العالمي، مدفوعةً بتصريحات الإدارة الأمريكية الجديدة التي أبدت استعدادها لفتح باب المفاوضات مجددًا. ومع استمرار العقبات السياسية والاقتصادية، تبقى تحركات “إيران للطيران” الأخيرة محاولة لإعادة التموضع في مشهد عالمي سريع التغير.

Share this Article
Leave a comment