شمال قبرص التركية .. طبيعة خلابة على شاطئ المتوسط تعاقبت عليها كل الحضارات الانسانية منذ فجر التاريخ

data
data 140 Views
7 Min Read

الرحلة من ابوظبي الي الشطر الشمالي من جزيرة قبرص تستغرق 4 ساعات طيران فقط في الاحوال العادية لانها تبعد عن الشواطئ الغربية لآسيا, بما في ذلك الشواطئ السورية واللبنانية, الا انني وصلتها بعد رحلة استغرقت 12 ساعة عبر اسطنبول بسبب الحصار المفروض علي الجمهورية القبرصية التركية ومنع الرحلات الجوية المباشرة اليها

وصلنا الي مطار ارجان بعد منتصف الليل وكانت السيدة اوزغون من ادارة الاعلام الحكومي في انتظارنا في المطار المشيد علي الطراز الاوروبي الحديث وسألتني عن الرحلة , اجبتها بان الطريق الي نيويورك اقصر كثيرا من السفر الي شمال قبرص , ضحكت وقالت : هذا هو الحصار الظالم

ويبعد مطار إرجان نحو نصف ساعة عن وسط مدينة كيرينيا، وهي مدينة وادعة مكسوة بالخضرة، تحوي العديد من المباني التراثية. واللافت في الأمر أن هذه المدينة تضم الكثير من أشجار الفاكهة والخروب والتين والزيتون ، وقد لاحظت معالم البهجة على وجه أحد الشبان وهو يتحدث عن هذه الأشجار المنتشرة في مدينته

وسرعان ما توجهنا الي الفندق الواقع علي البحر الابيض المتوسط , وفي صباح اليوم التالي تناولت الافطار علي شرفة علي ساحل البحر

الحقائق التاريخية التي وجدتها في قلعة غيرينيا علي شاطئ البحر تقول ان جزيرة قبرص من المناطق المأهولة بالسكان منذ أقدم العصور, وبسبب موقعها الاستراتيجي قبالة الشواطئ الغربية لآسيا, حاولت جميع الدول القوية التي عرفتها منطقة البحر الأبيض المتوسط السيطرة على الجزيرة

وقبل المسيح ـ عليه السلام ـ غزا قبرص كل من الآشوريين والمصريين واليونانيين والفرس والرومان. وأدخل القديس بولس والقديس برنابا النصرانية إلى الجزيرة عام 45م. وفي عام 330م صارت قبرص جزءًا من الإمبراطورية البيزنطية. وفي عام 1191م استولى ريتشارد قلب الأسد ـ ملك إنجلترا ـ على قبرص لكنه باعها لأحد النبلاء الفرنسيين. وفتح الأتراك العثمانيون الجزيرة في سبعينيات القرن السادس عشر الميلادي، وحكموها حتى عام 1878م عندما سلًَّموها إلى بريطانيا التي حولت الجزيرة إلى مستعمرة ملكية عام 1925م

 وفي القرن الخامس عشر قبل الميلاد خضعت لسلطة دولة الفراعنة المصرية, ثم خضعت للسلطة اليونانية, وبعد ذلك للإمبراطورية الرومانية خلال الفترة (58 ق.م – 395 م) وبعد سقوط الإمبراطورية الرومانية خضعت لسلطة الإمبراطورية البيزنطية. وفي العصر العربي الإسلامي، وفي زمن الخليفة عثمان بن عفان، سير والي دمشق في تلك الفترة معاوية بن أبي سفيان الحملة البحرية الأولى في التاريخ الإسلامي من مدينة عكا عام 649 لفتح جزيرة قبرص, وقد تم له ذلك بالفعل, وخضعت الجزيرة للسيطرة العربية. وخلال الحروب الصليبية أخضعها ريتشارد قلب الأسد لسلطته, ونصب حاكمًا محليًا عليها. في عام 1489 خضعت لسلطة البنادقة (نسبة لمدينة البندقية الإيطالية) الذين حولوها إلى قاعدة بحرية تجارية هامة. وفي عام 1571 خضعت الجزيرة للإمبراطورية العثمانية, ومنذ عام 1878 وبعد – أي في عصر ضعف الإمبراطورية العثمانية وتفككها – اعترف العثمانيون بالسيادة البريطانية على الجزيرة, غير أن بريطانيا لم تعلن الجزيرة رسميًا مستعمرة بريطانية إلا في عام 1925
ظلت قبرص مستعمرة بريطانية حتى 16/8/1960 حيث غدت بعد ذلك التاريخ دولة مستقلة ذات سيادة (بقي على أرض الجزيرة حتي الان قاعدة بريطانية مساحتها:256كم2)
وبعد الحرب العالمية الثانية وخلال فترة التحرر من الاستعمار قادت الكنيسة الأرثوذوكسية القبرصية النضال الوطني للتحرر من الاستعمار البريطاني, وكان الأسقف مكاريوس أحد أبرز القادة القبارصة للحركة الوطنية المناهضة للاستعمار البريطاني, وبعد الاستقلال انتخب مكاريوس في 3/11/1963 أول رئيس لجمهورية قبرص المستقلة. في 15/7/1974 حدث انقلاب عسكري في الجزيرة أدى إلى سقوط الرئيس المنتخب مكاريوس وهربه من الجزيرة, وفي 20/7/1974 ونتيجة لذلك وبهدف حماية القبارصة الأتراك قامت القوات التركية بغزو الجزيرة, وسيطرت على الأجزاء الشمالية منها, مما أدى إلى تقسيم قبرص إلى قسمين: تركي (مساحته:3355كم2) ويوناني (مساحته:5896كم2)
وفي15/11/1983أعلنت القيادات القبرصية التركية المسيطرة على شمال الجزيرة، وبعد استفتاء عام لسكان الجزء الشمالي, قيام جمهورية قبرصية تركية في ذلك الجزء, إلا أن الجمهورية المعلنة لم تستطع الحصول على أي اعتراف دولي بها باستثناء الاعتراف التركي, وما زالت مشكلة تقسيم البلاد إلى جزأين (تركي في الشمال ويوناني في الجنوب) من أهم المشكلات التي تولد القلق وعدم الاستقرار في الجزيرة

 ويبدو القطاع السياحي بمثابة رهان كبير لدى القبارصة الأتراك، كما هي الحال لدى القبارصة اليونانيين أنفسهم.بيد أن الشطر الشمالي لم يحصل حتى الآن سوى على نسبة ضئيلة من السياح الوافدين للجزيرة

بيد أن الأشهر على مستوى فماغوستا هو مدينتها الأثرية المعروفة باسم «سالاميس»، والتي يعود تأسيسها الأول إلى الألف قبل الميلاد.وحسبما علمنا من الدليل السياحي، فان هذه المدينة هي الأهم على مستوى جزيرة قبرص عامة. على أن فماغوستا بمجملها تفوح بعبق الزمن القديم، فثمة أسواق تاريخية ممتدة، وهناك مسجد كبير يعود تأسيسه إلى سنوات متقدمة في التاريخ

 وتزامن وجودنا في قبرص التركية مع احتفالات يوم السلام، التي تقام في العشرين من تموز يوليو من كل عام، حيث أقيمت بالمناسبة عروض عسكرية وكشفية، واحتشدت أعداد من الضيوف والمواطنين لمشاهدة هذه العروض التي جرت في ساحة قريبة من الخط الاخضر الذي يفصل بين شطري قبرص. كما شاهدنا العروض الجوية علي ساحل البحر وهي ترسم في السماء العلم التركي والقبرصي التركي اثناء تواجدنا في الفندق بمدينة كيرينيا

وأين ما تذهب في مدن قبرص التركية يقابلك الناس بالابتسامة، ويشعرونك وهم يتحدثون إليك بأنك جزء منهم. إنهم أناس طيبون في أرض طيبة التي اشتهرت بقلاعها المشّيدة على قمم الجبال ومبانيها القديمة وشواطئها الرملية، وجبالها الوعرة

تتمتع قبرص التركية بمناظر خلابة للغاية. وتنتظم الجبال الوعرة والشواطئ الرملية ذات اللون الذهبي على طول الساحل. ويفصل سهل ميساوريا العريض الخصيب بين سلسلتي جبال ترودوس وكيرينيا. وتُعدّ سلسلة ترودوس التي تقع في الجانب الغربي، السلسلة الكبرى. وتغطي بعض أجزاء هذه السلسلة غابات كثيفة. وأعلى قمة في هذه السلسلة هي قمة جبل أوليمبس وتبلغ 1,952م فوق مستوى سطح البحر. وتمتد سلسلة جبال كيرينيا على طول الساحل الشمالي لقبرص

Share this Article
Leave a comment