صحاري الإمارات ووديانها: سيمفونية الجمال التي تعزف أنشودة الأصالة والحداثة

admin
admin 9 Views
4 Min Read

 

بقلم : هدى الشريف 

 

في حَنوّ الجبال وصَمْتِ الرمال، سَطرَ الآباء حكاياتِ البطولة.. واليوم، تتنفس الأرضُ روحاً جديدة، تروي للأجيال أن الحداثةَ تُزهرُ حينما تتجذرُ في تربةِ الأصالة.

 

رحلة العين من زجاج ناطحات السحاب إلى سَمّاء الصحراء المرصعة بالنجوم

بينما تخطف دبي الأبصار بلمعانها، تهمسُ ربوع الإمارات الريفية بلغةٍ أخرى.. لغةِ الروح. ها هي حتا تنسابُ بين جبالها الزمردية كقلادةٍ ثمينة، وليوا تتألقُ بتاجٍ من نخيلٍ شامخ، ورأس الخيمة ترفلُ بعباءةِ الجبال الشاهقة. هذه الوجوهُ المتعددةُ للجمال لم تُخلق للزينة فحسب، بل لتحكي ملحمةَ وطنٍ يصهرُ الماضي بالمستقبل في بوتقةٍ واحدة.

 

 

تأتي “حتا” كلوحة فنية رسمتها أنامل الزمن
عندما تلامسُ قدمُك أرضَ حتا، لا تسيرُ على ترابٍ عاديّ، بل تطأُ صفحاتِ تاريخٍ حيّ. هنا، حيثُ تتعانقُ القلاعُ الحجرية مع شلالاتِ المياه العذبة، يولدُ السحر. يقفُ “حصن حتا” شامخاً كشاهدٍ على عصورٍ مضت، بينما يُحيطُ به وادي المغامرات كعقدٍ من الزبرجد. وقد بلغت أعدادُ الزوارِ عام 2023 ذروةً غير مسبوقة، إذ ارتفعت بنسبة 70%، وكأنما الأرضُ تفتحُ ذراعيها للعالمِ قائلةً: هلمّوا إلى جنةٍ لم تمسسها يدُ الزمن.

 

 

أما واحة “ليوا”  فتُعيد رمالها كتابة مفهوم الفخامة في قلبِ الربع الخالي، هنا، تتحولُ الرمالُ الذهبية إلى فراشٍ ناعم تحتَ خيامٍ نسجتها أناملُ التراث. أما النخيلُ السامقة، فترقصُ مع الريحِ رقصةً تأسرُ الألباب. لقد أبدعتِ الإماراتُ في تحويلِ الصحراءِ إلى مسرحٍ لفنونِ الضيافة، حيثُ تُقدمُ لك النجومُ عشاءها الفاخر، وتُغني لكَ القصائدَ الريحُ العابرة.

 

 

وإذا أتيت رأس الخيمة ،مملكة الجبال التي تلامس عنان السماء، فأنت عندما ترتقي قممَ جبل جيس، لا تصعدُ جبلاً فحسب، بل ترتقي سُلّمَ المجد. هنا، حيثُ تُلامسُ السحابَ وتحتضنُ الكونَ بنظرةٍ واحدة، تدركُ معنى العظمةِ الإماراتية. أما وادي البيح، فينسابُ كشريانِ حياةٍ بين الصخور، يحملُ في ضفافه أسرارَ الطبيعةِ البكر. لقد نجحتْ رأس الخيمة في نحتِ تجربةٍ فريدةٍ تجعلُ من المغامرةِ فناً، ومن الطبيعةِ متحفاً حياً.

 

 

رؤيةٌ استشرافية تُحيي التراثَ بلمسات المستقبل

 

ما أروعَ أن ترى الأجدادَ يبتسمونَ في عيونِ الأحفاد! لقد نسجتِ الإماراتُ خيوطَ الذكاءِ الاصطناعي مع حكمةِ الأسلاف في لوحةٍ ساحرة. ها هي حتا تُضيءُ سماءها بالطاقة الشمسية، وها هي مزارع ليوا تروي عطشَ الأرضِ بتقنياتٍ ذكيةٍ توفرُ 90% من المياه. إنها ثورةٌ خضراءُ تُجسّدُ قولَ زايدٍ الخالد: “إن أعظمَ إرثٍ نتركه للأجيالِ هوَ بيئةٌ سليمةٌ ووعيٌ أصيل”.

 

 

 

لن تكونَ سائحاً عابراً هنا، بل ابناً عائداً إلى حضنِ الأرض. في “درب القهوة العربية” بحتا، تسمعُ هَمْسَ البنّ المعتقِ يحكي حكاياتِ المجالس. وفي “طريق اللؤلؤ” برأس الخيمة، تلمسُ بأصابعك عرقَ الغواصينَ الأبطال. إنها سياحةٌ لا تكتفي بعرضِ التراث، بل تنقلكَ عبرَ الزمنِ لتكونَ شاهداً على أمجادِ الماضي وروعةِ الحاضر.

 

 

بجمالٍ نادرٍ، تدمجُ الإماراتُ نبضَ المدينةِ بهدوءِ الريف. فبينما تُغادرُ صخبَ دبي، تُمسكُ يدك بطاقةُ “اكتشف الإمارات” لتأخذك في رحلةٍ سحريةٍ إلى حتا خلال 45 دقيقةٍ فقط. إنها رؤيةٌ عبقريةٌ تجعلُ من التناقضِ تناغماً، ومن التعددِ وحدةً، وكأنما القيادةُ الرشيدةُ تقولُ للعالم: هكذا نصنعُ المستحيلَ من خيوطِ الإرادة.

 

 

إن صحراءَ الإماراتِ لم تكن يوماً أرضاً ميتةً، بل رحمٌ تلدُ المعجزات. ووديانها لم تكن شقوقاً في الصخور، بل شرايينُ تحملُ دمَ الحياةِ إلى قلبِ التاريخ. اليوم، وقد أضاءتْ رؤيةُ القيادةِ دربَ العودةِ إلى الجذور، صارتْ هذهِ الربوعُ مرايا تعكسُ جوهرَ الهويةِ الإماراتية: أصالةٌ تتكئُ على الماضي، وحداثةٌ تنظرُ إلى المستقبل، وإرادةٌ تصنعُ من المستحيلِ واقعاً ملموساً.

 

“لن تحتاجَ إلى جوازِ سفرٍ هنا.. فقط افتحْ قلبَك، تَجدْ وطناً يوسعُ صدره لكلِ الوافدين، ويدعوكَ قائلاً: أنتِ ابنُ هذهِ الأرضِ قبلَ أن تطأها قدمُك.”

 

Share this Article
Leave a comment