طائرات المستقبل تحلّق بوقود مستخرج من الهواء بدلًا من الوقود الأحفوري

admin
admin 20 Views
4 Min Read

كتبت: سارة هليل 

تخيّل أن تركب طائرة تقلع من مدينة سياتل الأمريكية متجهة إلى لندن، لكنها لا تستخدم قطرة واحدة من الوقود الأحفوري، بل تعتمد على وقود مستخرج من الهواء نفسه. هذا ليس سيناريو من فيلم خيال علمي، بل مشروع تعمل عليه مختبرات الأبحاث العالمية، رغم أنه لا يزال في مراحله الأولى وعلى نطاق محدود.

 

يُطلق على هذا النوع الجديد من الطاقة اسم وقود الطيران المستدام، وهو ابتكار ثوري يعتمد على استخراج ثاني أكسيد الكربون من الهواء وتحويله إلى وقود للطائرات. هذا التحول قد يرسم مستقبلًا لصناعة طيران نظيفة وقليلة الانبعاثات، غير أن التكلفة الباهظة لهذا الوقود تمثل العقبة الأكبر أمام انتشاره الواسع.

 

أنواع الوقود المستدام… وتحديات السعر

تتنوع أنواع وقود الطيران المستدام حسب طريقة تصنيعه. النوع الأول هو SAF الحيوي، ويُنتج من مواد عضوية مثل زيت الطهي المستخدم والمخلفات الزراعية. أما النوع الثاني فهو الوقود الاصطناعي أو الإلكتروني (e-SAF)، ويُصنع من الهيدروجين المتجدد وثاني أكسيد الكربون المأخوذ من الهواء، ويُعرف أيضًا باسم الكيروسين الإلكتروني.

 

ورغم أن الوقود الاصطناعي يتمتع بإمكانات هائلة تجعله خاليًا تمامًا من الكربون، فإن تكلفته المرتفعة جدًا تعود بالدرجة الأولى إلى مصاريف التقاط الكربون والتحليل الكهربائي.

 

ويُعتبر الكيروسين الاصطناعي أكثر حلول إزالة الكربون من قطاع الطيران واعدة، إذ يمكن توسيع إنتاجه بشكل مستدام دون التسبب في مشكلات بيئية أو تعارض مع إنتاج الغذاء، خلافًا للوقود الحيوي الذي يتطلب مواد خام ومساحات زراعية.

 

سعر الوقود الاصطناعي: الحاجز الأكبر

بحسب وكالة سلامة الطيران الأوروبية، فإن متوسط سعر الطن الواحد من الوقود الاصطناعي يبلغ نحو 8,720 دولارًا، مقارنة بـ 2,365 دولارًا للطن من الوقود الحيوي، وكلاهما أعلى بكثير من سعر الوقود التقليدي البالغ حوالي 830 دولارًا للطن.

 

ورغم ارتفاع الأسعار، تتوقع الخبراء أن تبدأ أولى الرحلات الجوية التجارية باستخدام الوقود الاصطناعي بحلول عام 2030، ولو بشكل جزئي.

 

أول منشأة لإنتاج وقود من الهواء النقي

تستعد شركة Twelve، الرائدة في مجال الطاقة النظيفة ومقرها كاليفورنيا، لافتتاح أول منشأة تجارية تجريبية في ولاية واشنطن بحلول نهاية العام الجاري. وتعتزم الشركة إنتاج 50 ألف غالون من وقود الطيران المستدام سنويًا.

 

وتعتمد تقنية Twelve على التحليل الكهربائي لثاني أكسيد الكربون في درجات حرارة منخفضة، مما يقلّل استهلاك الطاقة ويزيد من كفاءة الإنتاج، كما يسمح بدمج العملية مع مصادر الطاقة المتجددة مثل الشمس والرياح.

 

تحديات الانتقال نحو طيران خالٍ من الانبعاثات

رغم توافر التكنولوجيا، فإن الطريق نحو تحوّل كامل في قطاع الطيران لا يزال طويلاً، إذ تعرقل الاستثمارات النفطية القائمة، والعوائق السياسية، وبطء التشريعات هذه الثورة.

 

وترى خبراء إدارة الطيران أن خفض التكاليف يتطلب إنتاجًا ضخمًا، لكن التكلفة الأولية المرتفعة تُعيق شركات الطيران عن الاستثمار في وقود المستقبل، ما لم تتدخل الحكومات من خلال دعم مالي، وحوافز ضريبية، وتشريعات صارمة.

 

وفي حين أن الوقود الاصطناعي هو الأقدر على تقليص الانبعاثات، فإنه في الوقت ذاته الأعلى تكلفة من حيث التشغيل، ما يجعل تحقيق طيران نظيف ومستدام مرهونًا بالإرادة السياسية والاستثمار طويل الأمد.

Share this Article
Leave a comment