صلاح سليمان
منتجعات زاكوباني، وبوكوفينا البولندية الرائعة جدا، في منطقة جبال تاترا القريبة من الحدود السلوفاكية والتي تقع علي بعد ساعتين جنوبا من مدينة كراكوف الشهيرة ..هي واحدة من أجمل المناطق الطبيعية في القارة الأوروبية، إن قمم جبال تاترا المحيطة بالمدينة ،والتي أخذت ألوان الأشجار التي تغطيها في في التدرج بسبب فصل الخريف تعطي للناظر مشهدا غاية في الجمال .
كل فصول السنة مناسبة لزيارة زاكوباني، لكن موسم السياحة الرئيسي فيها هو فصل الشتاء بسبب الاقبال علي ممارسة رياضة التزحلق علي الجليد التي تنفرد بها جبال تاترا، حيث تنتشر مسارات التزلج عبر المحطات المنتشرة خلال مجموعة من التضاريس الجميلة والممتعة علي هضابه الجبلية .
تنفرد زاكوباني بتصميم معماري يعتمد على بناء البيوت والمطاعم من جذوع خشب الأشجار، إنه طراز فريد جدا يشعرك بالدفئ والراحة، وأنك فعلا في مكان مختلف، إنها ثقافة سكان جبال تاترا التي يطلقون عليهم “الهايلاندر” ويمكنك في متحف “كوسيلسكا” أن تأخذ فكرة عن أشكال وأنماط هذه البيوت والتراث الفلكلوري الكبير الذي مازالت تحتفظ به الأجيال، أيضا في متحف تاترا هناك الكثير من القطع الأثرية والفنون التي تعكس التاريخ العريق لهذه البلاد.
في الشتاء هي أهم منتجع شتوي في بولندا لممارسة رياضة التزحلق علي الجليد، وبها مستشفي كبير متخصص في جراحات العظام المختلفة، لهذا لاخوف من ممارسة رياضة التزحلق، فيمكن لأي حادث طارئ أن يتلقي العلاج الفوري.
قمم جبال تاترا في زاكوباني ، تعد من أجمل الأماكن للتمتع باطلالة لجمال الطبيعة، هناك جبل “جيونت” الذي يتمتع بشعبية كبيرة، وقمة جبل “كاسبرويويرتش” التي حالفنا الحظ لزيارتها، فقد وصلنا اليها علي ظهر “التليفريك” الذي نقلنا اليها عبر محطتين، لتجد نفسك فوق القمة على مسافة 2000 متر، إنه واحد من أجمل الأماكن السياحية التي يمكن زيارتها في زاكوباني، شعرنا بأنها لحظة جميلة مميزة عندما احتسينا فناجيل القهوة العربية علي أعلي القمم برفقة الزملاء، كما استمتعنا بالتجول علي قمته وشاهدنا الخط الحدودي الفاصل بين سلوفاكيا وبولندا.
عانت السياحة في منطقة سفوح جبال تاترا ومنها زاكوباني بعد الجائحة، فقد تراجعت السياحة البولندية الداخلية، والسياحة الروسية والبلاروسية التي اعتادت أن تذهب اليها ، كما تسببت الحرب في عزوف الروس عن السياحة الخارجية، لهذا بدأ زوار جدد يطرقون أبواب زاكوباني، إنهم السياح العرب من الخليج
السياحة العربية هي سياحة جديدة بدأت تعرف طريقها إلى تلك الأراضي، لهذا لبينا دعوة من إدارة السياحة البولندية للوقوف علي أمر السياحة في تلك المنطقة البعيدة، التي مازلت بعيدة عن خارطة السائح العربي رغم أهميتها وأسعارها المنضبطة .
ان شهرة زاكوباني والمنتجعات المحيطة بها مثل “نوزالاوي ” الذي قضينا به عدة أيام، كانت فقط معروفة عبر الدعاية الشفوية والتوصيات من الذين زاروها من قبل ، لذلك عرفها السياح العرب من بعضهم البعض ، وأصبحت زاكوباني بالفعل وجهة مفضلة للأثرياء من الشرق الأوسط نظرا للخصوصية الشديدة التي تتميز بها، والآن وبعد أن ذاعت شهرتهاـ أصبحت تستقبل أيضا سياح من الطبقة المتوسطة لآن أسعارها معقولة وليست بنفس أسعار ميونيخ أو سويسرا والنمسا، إنها أرخص بكثير، كما أن أصناف الطعام التي تقدم في مطاعهما متنوعة ورائعة، وبدأ الطعام الحلال يعرف طريقه إليها، وحتي عندما تحدثت مع سائق السيارة التي نقلتنا إلى الفندق قال أنه هنا مطاعم تقدم “المنيو ” باللغة العربية وأعطاني نسخة منه، لكن هذا لايمنع أن هناك نقص في اللحوم المذبوحة على الطريقة الإسلامية حتي الآن.
السياح العرب في زاكوباني يفضلون الإقامة من أسبوعين الي ثلاثة وهم يقيمون في شقق أو في فنادق رفيعة المستوي، ويأمل القائمون علي أمر السياحة أن يسد العرب الفجوة التي تركها الضيوف من بيلاروسيا وروسيا وحتي بولندا الذين قل وجودهم بسبب الظروف العالمية الطارئة .
المنتجعات الصحية فاخرة، وقد أعجبت بشكل شخصي بمنتجع “بوكوفينا “الذي يبعد مسيرة 40 دقيقة بالسيارة عن زاكوباني، وساعتين ونصف عن كراكوف أجمل المدن البولندية التي بها المطار الأقرب إلى زكوباني، لذلك أمام السياح العرب فرصة الإقامة كذلك في كراكوف لعدة أيام من أجل شراء الهدايا، فهي مشهورة بمراكز تسوق كبيرة.
يعد ركوب العربات التي تجرها الخيول هواية شعبية للسياح العرب عند سفح جبال تاترا العالية، لكن المشي لمسافات طويلة في الجبال أيضا من الرياضات المحببة، كذلك رحلات التسوق في شارع كروبوفكي، أو ممشى زاكوباني الشهير، خاصة في الصيف، وهي محبوبة لديهم جدا لأنها خضراء للغاية وأكثر برودة بكثير من موطنهم.
في كل اماكن البيع في ارجاء المدينة ستجد جبن الغنم المدخن التقليدي “اوستبك” فهو يباع في كل مكان في زاكوباني وهم يفتخرون به للغاية !
ظلت حلويات الكراميل البولندية التقليدية (كرووكي) تباع مثل الكعك الساخن منذ أن اكتشف السياح العرب زاكوباني – ومع ذلك، فإنهم يفضلون بشكل خاص العسل البولندي فهم يقدمونه في ألواح الشمع الطبيعية في إفطار الفنادق الفخمة في الصباح، وبما أن الحلويات متجذرة بعمق في الثقافة العربية فإنها تلقي الكثير من الإقبال من السياح العرب.
في المنتجعات ذات المياه الحارة سيشهد الزائر مناخ فريد من نوعه، يفضي إلى النقاهة، وبالنسبة للذين ياتون من أجل العلاج فسيجدون أنواع كثيرة منه مثل العلاج القلبي أو الرئوي أو العظمي أو الجراحي. وفي كل الاحوال سيشعرون بالبهجة مع تلك الأجواء المريحة وجمال الطبيعة المحيطة والديكورات المميزة!
ترجع المنتجعات في بولندا إلى القرن الثالث عشر وتتميز بالحمامات الحرارية، والمياه الملحية المستخدمة في العلاجات، والحمامات الحرارية مع المياه المعدنية ذات الخصائص الاستثنائية، إضافة إلى علاجات السبا وشحن الطاقة وتجديد الجسم والعقل.
تتراوح تكلفة الإقامة الكاملة لمدة 14 يوما في مصحة علاجية من حوالي 2000-3500 زلوتي بولندي. أي حوالي 750 دولار وتشمل الاستشارة الطبية والدعم الطبي أثناء الإقامة ورعاية أخصائيي العلاج الطبيعي، وتشمل مدة الاقامة مجموعة من الفحوصات والعلاجات الطبية اليومية المخصصة لاحتياجاتك الطبية (مثل حمامات المياه المالحة، وحمامات الطين، والعلاج الطبيعي، والمعالجة بالمياه المعدنية)، أما الغذاء فهو معد تحت إشراف متخصصين في التغذية .
لقد شعرنا بعد دعوة وفد الصحفيين العرب أن هناك تغيرا في سياسة بولندا السياحية، فهي تميل الأن إلى الدعاية المكثفة بعد أن كانت تسمي الدعاية “الهامسة” حيث نادرا ما كانت تدعو إلى السياحة العربية .
وفقا للتقديرات الأولية لهيئة السياحة البولندية، فإن السياح العرب هم حاليا أكبر مجموعة من السياح الأجانب في المنطقة – تقريبا كل ثاني ضيف أجنبي في زاكوباني يأتي من شبه الجزيرة العربية.
واكبت شركات الطيران الإنفتاح السياحي البولندي لذلك افتتحت شركة طيران فلاي دبي رحلات جوية بين كراكوف والإمارات العربية المتحدة في عام 2018. ويبلغ متوسط سعر الرحلة حوالي 350 يورو. وهناك ايضا طيران ويز الذي يطير من أبو ظبي وسعرة ايضا حوالي 300 دولار.