مسقط ــــــ كتبت: هاجر حمزة
تخطو سلطنة عُمان بثبات نحو بناء اقتصاد أخضر مستدام، عبر الاستثمار في كنوزها الطبيعية المتمثلة في 30 محمية بيئية تغطي ما يقارب 15 ألف كيلومتر مربع من أراضيها، منها 17% برية و10% بحرية، ضمن رؤية وطنية متكاملة تربط بين حماية البيئة وتعزيز الاقتصاد الوطني والمحلي.
هذا التوجّه البيئي الطموح لا يقف عند حدود الحماية فقط، بل يتعداه إلى خلق فرص حقيقية في مجالات السياحة والبحث العلمي والتعليم البيئي، إذ تُشجع السلطنة الطلاب والباحثين على دراسة النظم البيئية الفريدة داخل المحميات، بهدف تعميق الوعي البيئي وتوثيق التنوع الأحيائي النادر.
وتتولى هيئة البيئة، بالتعاون مع مختلف الجهات الرسمية والمجتمعية، وضع خطط إدارية متكاملة للمحميات، تضمن المحافظة على توازنها الحيوي وتتيح فرصًا استثمارية تتماشى مع قيم الاستدامة، ما يجعل هذه المناطق مراكز جذب سياحي واقتصادي في آنٍ واحد.
ويُعد الاستثمار في المحميات البيئية من أبرز دعائم الاقتصاد المحلي، حيث تفتح هذه المشاريع أبوابًا جديدة للتوظيف في المناطق المحيطة، وتقدّم نموذجًا فعّالًا لتحقيق التنمية الاقتصادية دون الإضرار بالموارد الطبيعية، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية عُمان 2040.
وفي إطار دعم هذا التوجه، تم توقيع 9 عقود استثمارية بقيمة تفوق 44 مليون ريال عماني لتطوير مشاريع صديقة للبيئة في 7 محميات طبيعية، تشمل محميات: رأس الشجر، السلاحف، المها، الأراضي الرطبة، جبل سمحان، خور المغسيل، والجبل الغربي، وذلك لإقامة منتجعات بيئية، حدائق للنجوم، ومراكز للزوار، ومعارض تفاعلية، ومطاعم، ومسارات مشاهدة، وتجارب سفاري.
ومن اللافت أن هذه المشروعات لم تُصمَّم فقط للحفاظ على البيئة، بل لتقديم تجارب سياحية غنية ومتفردة تمزج بين الاستجمام والاستكشاف، وتُشرك المجتمع المحلي بفاعلية في إدارتها وتشغيلها، ما يضمن خلق فرص عمل جديدة ويعزز مشاركة المؤسسات الصغيرة والمتوسطة.
وقد امتد الاستثمار ليشمل 5 محافظات هي: مسقط، جنوب الشرقية، الوسطى، الداخلية، وظفار، من خلال شراكات بين القطاع العام والخاص لتشغيل منشآت إيواء بيئية متقدمة، تراعي المعايير الصارمة للحفاظ على البيئة، وتشكل وجهات سياحية مستدامة ذات طابع ثقافي وطبيعي متميز.
وتسعى السلطنة من خلال هذه المبادرات إلى تحويل المحميات الطبيعية إلى محركات تنمية متكاملة، تسهم في تنويع مصادر الدخل الوطني، وتعزيز مكانة عُمان كمقصد رائد للسياحة البيئية في المنطقة والعالم، في إطار استثمار ذكي ومتوازن للموارد الطبيعية، يحفظ التراث ويواكب التطور.