قطر.. كتبت: سارة هليل
في واحد من أعقد التحديات التشغيلية التي واجهت قطاع الطيران الحديث، تمكنت الخطوط الجوية القطرية من إعادة أكثر من 20 ألف مسافر إلى وجهاتهم خلال 24 ساعة فقط، بعد أن اضطرت لتوقيف 151 رحلة جوية بفعل إغلاق مفاجئ للمجال الجوي القطري وعدد من الأجواء الإقليمية الأخرى.
بدأت الأزمة مساء 23 يونيو، حين تسببت التوترات الإقليمية، وعلى وجه الخصوص هجوم صاروخي استهدف قاعدة العديد الجوية، في إغلاق فوري للأجواء، ما أدى إلى تعليق جميع رحلات الخطوط القطرية بشكل مفاجئ. وفي لحظات، تحوّل مطار حمد الدولي، أحد أكثر المطارات ازدحامًا في العالم، إلى نقطة ازدحام كبرى، مع أكثر من 100 طائرة في الأجواء أو على أهبة الإقلاع.
تحويلات طارئة وتنسيق دولي واسع
مع بدء تفعيل الدفاعات الجوية القطرية، تم تحويل مسار أكثر من 90 رحلة جوية، تقل أكثر من 20 ألف مسافر، إلى مطارات في السعودية، وتركيا، والهند، وعُمان، والإمارات، بالإضافة إلى وجهات رئيسية في أوروبا وآسيا. وتزامن ذلك مع تأخيرات بسبب حظر التجول والقيود القانونية على ساعات عمل الأطقم الجوية.
ورغم تعقيد الموقف، حافظت الخطوط القطرية على أولويتها الأساسية: حماية الركاب وضمان استئناف التشغيل السريع. ومع إعادة فتح الأجواء بعد منتصف ليل 24 يونيو، بدأت عملية إعادة الطائرات تدريجياً إلى الدوحة، لتصل أعداد الركاب العابرين في الساعات الأولى من الصباح إلى أكثر من 22 ألفًا.
خطة طوارئ تُنفّذ بدقة
بدأت الشركة فورًا في تطبيق خطة استمرارية الأعمال، حيث تم تنسيق الموارد اللوجستية بدقة فائقة، بدءًا من توفير الإعاشة والتنقلات، وصولًا إلى حجز الفنادق وتحديث بيانات الرحلات في الوقت الحقيقي. وتم توزيع أكثر من 35 ألف وجبة، وتأمين الإقامة لنحو 4600 مسافر في 3200 غرفة فندقية بأنحاء الدوحة.
لم تقتصر الجهود على البنية التشغيلية فقط، بل شملت دعمًا إنسانيًا مباشرًا، شمل الحالات الصحية الحرجة، والأسر، وكبار السن، بالإضافة إلى إعادة ترتيب مسارات سفر معقدة يدويًا، تتضمن تأشيرات منتهية وشركات طيران أخرى.
مرونة استثنائية وخدمة عملاء مضاعفة
لمواجهة تداعيات الأزمة، عززت الخطوط القطرية الطاقة الاستيعابية على المسارات الأكثر ازدحامًا، كما وسّعت خدمات مركز الاتصال، وأطلقت سياسة سفر مرنة تسمح بإعادة الحجز أو الاسترداد دون رسوم للمسافرين الذين لم تبدأ رحلاتهم بعد.
وخلال يوم واحد فقط، شغّلت الشركة 390 رحلة جوية، واستأنف أكثر من 11 ألف مسافر رحلاتهم خلال الموجة الصباحية، ليصل إجمالي الرحلات المجدولة بحلول 25 يونيو إلى 578 رحلة، ما أعاد الاستقرار بسرعة مذهلة إلى شبكة عملياتها العالمية.
تجربة استثنائية تعزز الثقة العالمية
أثبتت هذه الاستجابة السريعة أن الخطوط الجوية القطرية لا تتعامل مع الأزمات باعتبارها مواقف طارئة، بل كاختبار حقيقي لالتزامها الدائم تجاه الملايين من المسافرين الذين يضعون ثقتهم بها يوميًا.
نجحت الشركة في احتواء تداعيات أزمة غير مسبوقة بتخطيط مرن، وفرق عمل متناغمة، وخدمة عملاء وضعت الإنسان أولاً، لتقدم نموذجًا يُحتذى به في كيفية إدارة أزمات الطيران الحديثة على نطاق عالمي.