قرطبة.. إسبانيا ـــــــ كتبت: سارة هليل
في قلب إسبانيا الجنوبية، تلمع قرطبة كجوهرة أندلسية نادرة تمزج بين روعة التاريخ وسحر الشرق، مدينةٌ تنبض بأصداء حضارات مرّت من هنا، وتركَت وراءها معالم لا تُنسى وتجارب تغري عشاق السياحة الثقافية والروحانية والمذاق الأصيل.
رحلة عبر الزمن في مسجد “لا ميزكيتا”
بين الأعمدة الرخامية المقوّسة بألوانها الأندلسية الحمراء والبيضاء، يحتضن جامع قرطبة أو “لا ميزكيتا” زوّاره داخل تحفة معمارية لا مثيل لها في أوروبا. كان ذات يوم أعظم مسجد في الغرب الإسلامي، واليوم يُعدّ أيقونة سياحية مُدرجة على قائمة اليونسكو، تأسر القلوب بجمال ساحر من فنون الزخرفة الإسلامية والخط العربي وعبق التاريخ الممتد لقرون.
الجسر الروماني.. ممر الحضارات
يمتد جسر بوينتي رومانو بأقواسه الـ16 على نهر الوادي الكبير، رابطاً بين العصور من روما القديمة إلى الأندلس الإسلامية. وعند ضفّته يقف برج كالاهورا شامخًا، شاهداً على صراع الملوك ومتحفاً تفاعليًا يحتفي بتعايش ثلاث ديانات في وئام، ويمنح الزوار تجربة تعليمية نابضة بالحياة.
قصر الكازار.. قُصور في قصر
على ضفة النهر ذاتها، تنتظرك حدائق قصر الكازار الغنّاء، حيث تتمازج النوافير المزخرفة مع عطر الياسمين وزهور الربيع في عرض بصري ساحر. القصر الذي كان يوماً مركزاً للخلفاء، ثم صار حصنًا مسيحياً، يُجسّد في طرازه المعماري حوارًا عريقاً بين الثقافات.
مهرجان الباحات.. ربيع قرطبة الملوّن
في مايو من كل عام، تتحول باحات قرطبة إلى لوحات فنية مفتوحة ضمن مهرجان يُبهر الزوار بجمال الزهور والنوافير وألوان الحياة. يفتح السكان أبواب منازلهم للغرباء ليشاركوا عبق الزهور وتاريخ المدينة، في تظاهرة سياحية استثنائية تمزج الجمال بالموروث.
زقاق الزهور.. صورة لا تُنسى
في قلب الحي اليهودي، يختبئ أحد أجمل الأزقة في أوروبا: “كاليخا دي لاس فلوريس”، ممر ضيّق تتدلّى فيه الأصص الزاهية، ويؤطر مشهده الخلفي برج مسجد “لا ميزكيتا” في لقطة فوتوغرافية أسطورية يبحث عنها كل سائح.
تجربة سياحية لا تشبه غيرها
قرطبة ليست مجرد مدينة تاريخية؛ إنها قصة تُروى على إيقاع الفنون والموسيقى والروائح. من تذوق “السالمورخو” و”نارانجا كون باكالاو” إلى حضور عروض الضوء والصوت في حدائق الكازار، تنسج المدينة تجربة سياحية متكاملة تأسر العائلة، وتهدي الزائر حكاية لا تُنسى.