كتبت: سارة هليل
تتوسّط “قرية القابل” في منطقة نجران مشهدًا تراثيًا متكاملًا يجمع بين جمال الطبيعة وعراقة الإنسان، حيث تقف النخيل المعمّرة شامخة بجوار البيوت الطينية القديمة، شاهدة على تاريخ يمتد لأكثر من 350 عامًا.
القرية التاريخية، الواقعة بين مزارع “الحصين” شرقًا وقرية “الجربة” غربًا، وتحدها جنوبًا آثار “الأخدود” وشمالًا “وادي نجران”، تشكّل بانسيابها الجغرافي ومكوّناتها الثقافية لوحة تراثية نابضة تعكس عمق الهوية النجرانية الأصيلة.
بيوت طينية وقصور عتيقة
تحتضن “القابل” أكثر من 200 بيت طيني متفاوت الارتفاعات والتصاميم، تعكس الطراز المعماري التقليدي لمنطقة نجران، وتبرز التطوّر الزمني الذي مرت به أنماط البناء عبر العصور. ويحيط بهذه البيوت عدد من الآبار القديمة المطويّة، التي تحفّ بها أشجار النخيل، مما أضفى على المكان طابعًا جماليًا وروحًا تاريخية جعلت من القرية أحد أبرز المواقع التراثية بالمنطقة.
من بين القرى التي تنتمي لهذا الإرث، تبرز “قرية اللّجام”، إحدى القرى التراثية الـ34 في نجران، والتي تضم أكثر من 20 بيتًا طينيًا ما زالت قائمة، وتتنوّع فيها الطرز المعمارية بين البناء القديم والحديث، وتتميّز بوجود “الدروب” – البيوت ذات القباب التاريخية – على ضفاف وادي نجران، لتجسد نموذجًا حيًا للهندسة المعمارية التقليدية في المنطقة.
هندسة معمارية وهوية فريدة
تُعرف قرية القابل بتنوّع أنماطها المعمارية الطينية التي تحمل أسماء محلية مثل “المربّع”، و”المشولق”، و”المقدَّم”، والتي تندمج مع مزارع النخيل المحيطة لتشكّل نسيجًا عمرانيًا متفرّدًا. كما تنتشر في محيط القرية العديد من القرى والأسواق والآبار القديمة مثل “سوق الخميس”، وقرى “الجديدة”، و”بيحان”، فضلًا عن الآبار التاريخية مثل “أم الزوايا”، و”بهجة”، و”الصروف”، و”رقيبة”، و”الزجاج”، و”سعيدة”، والتي ما زالت تعرف بأسمائها حتى اليوم، حاملة في طيّاتها رمزية الماضي وذاكرة المكان.
حفاظ مجتمعي على إرث الآباء
ويواصل سكان قرية القابل جهودهم في الحفاظ على هذا التراث، من خلال ترميم بيوتهم الطينية وصيانة ما تبقى من معالم القرية القديمة، إيمانًا منهم بقيمة هذا الإرث الذي يعكس جذورهم التاريخية ويُسهم في تعزيز الهوية الثقافية لمنطقة نجران والمملكة عمومًا.