كراكوف..السياحة في أعرق المدن البولندية

data
data 251 Views
8 Min Read

صلاح سليمان

مدينة متميزة في كل شئ ، هادئة ميادينها واسعة، تشعر بالراحة والحرية وأنت تتحرك في شوارعها، فما الذي يميز جمال كراكوف ويجعلها، قبلة لسياح العالم؟

تقول لنا مرشدة المدينة أن بعض السياح يعرفون كراكوف من شهرتها العالمية ولا يعرفون أنها تقع في بولندا، وتحكي أنها قابلت بعضا منهم قالوا لها :أنهم عندما وصلوا إلى مطار المدينة اكتشفوا أنها مدينة بولندية

كل شئ في كراكوف يتميز بالفخامة، فالمطاعم متنوعة، والفنادق الكثيرة، وقصص التاريخ تشمل كل أرجائها، فكل مربع في المدينة له حكاية ورواية..لذلك لايبدو الأمر غريبا عندما نعرف أن تعداد سكنها يتراوح ما بين 800 ألف إلى مليون نسمة وتستقبل في العام  الواحد 14 مليون سائح وفق تقارير السياحة في المدينة

المدينة آمنة

 المطار مزدحم بالسياح وطرقات المدينة يجوب فيها السياح  ليلا ونهار، وبعضهم يفضل العربات التي تجرها الخيول، إنها شهيرة جدا في هذه المدينة

المدينة منفتحة علي كل أنواع السياحة والناس بسطاء، ويجيدون فن التعامل مع السياح دون استغلال أو خداع

لا شك  وأنت تتجول في الأماكن السياحية في المدينة ستدرك أن  الإجابة علي الأسئلة السابقة تصبح معروفة، وستتعرف من خلال الجولات فيها ـ لماذا وصلت إلى هذا الرقم الكبير من السياح سنويا، والذي لم تصل إليه بلدان بها الكثير من الآثار العالمية

الأمر لا يتوقف وحده علي الآثار التي يسافر من أجلها السائح، بل أيضا علي المناخ المحيط به، مثلا زتها مرتين خلال عام واحد  وتجولت فيها من شرقها إلى غربها ومن شمالها إلى جنوبها… ولا مرة رأيت فيها عربة شرطة، ولا أحد يستوقفك لرؤية هويتك أو طلب جواز سفرك بما يعني الشك فيك، لا أحد يمنعك من التصوير، لا تحرش ولا تسول… المدينة آمنة للغاية ومراكز التسوق عامرة، وفيها أحدث الموضات مما يجعلها وجهة مهمة لسياحة التسوق، والأسعار بالطبع أرخص من ألمانيا المجاورة وباقي دول أوربا الغربية

المطبخ البولندي عنصر جذب سياحي

المطاعم فيها متنوعة للغاية وبأي نقود معك يمكن أن تتناول وجبتك. فمثلا بعيدا عن المطاعم الراقية يمكن تناول الطعام الشعبي في ما يسمى “مقهى اللبن” وهي سلسلة مقاهي من الإرث الشيوعي يقدم الأكل الشعبي البولندي الرخيص مثل البيروجي، وكيكة البطاطا ، والشربة والبيجوز.. وكان وقت الحكم الشيوعي يقدم مع كل وجبة لتر من اللبن للمساعدة في تغذية الناس

كان هناك 40 ألف مقهى تقلص عددها الآن إلى 150 فقط، ويمكن للسائح أيضا أن يتناول البيتزاالخاصة بأهل المدينة والتي تسمي Zapiekanki   سباكنكي وهي عبارة عن رغيف عيش فينو كبير محمص ويوضع عليه تشكيلة من الخضار أو اللحوم بسعر زهيد للغاية.

من مطار ميونيخ إلى كاركوف المسافة ساعة واحدة بالطائرة، وبما أن السفر داخل نطاق دول تشنجن فهو يعتبر سفرا داخليا، لا ضباط جوازات ولا أي أحد يطلع على بطاقة أو جواز سفر، أنها الثقة المفرطة في مواطني الاتحاد الأوربي، وحتى في الفندق يكفي أن تملأ الاستمارة دون النظر في بطاقتك، يستشعر السائح أنه موثوق فيه، وان كل شيء آمن ومريح، فليس هناك أسوء من الإجراءات البوليسية التي تراقبك، وتنظر لك بعين الشك… وهذا من أهم الأمور التي تلعب دورا في عملية “التطفيش” السياحي

ساحة المدينة القديمة نقطة إلتقاء الناس

المدينة جميلة وقديمة وبها إرث ثقافي وتاريخي رائع، فهي أول مدينة أوربية وضعت تحت وصاية اليونسكو، مبانيها قديمة وجميلة ويرجع بعضها إلى 1000 عام مضت، والآخر إلى القرن الثالث عشر الميلادي، وبغض النظر عن المباني التاريخية كالقلاع والقصور الملكية والكنائس والجامعات، فإن قلعة “فافل” ذات القباب الملونة والتي إحداها من الذهب الخالص هي القلعة السياسية والثقافية لبولندا خلال القرن السادس عشر، وهي رمز الهوية الوطنية البولندية

قلب المدين النابض في ساحة المدينة القديمة المعروفة “ب Rynek Główny” رينيك جلوفوني يرجع إلى القرن 13، الساحة عظيمة الاتساع ممتلئة عن آخرها بشتى أنواع البشر، محاطة بالمطاعم والمقاهي من كل جانب، بها أعداد غير محدودة من أسراب الحمام التي تحط على يديك ورأسك أينما ذهبت، هي المكان المثالي ونقطة التقاء الناس، وفي الماضي كانت المقر التجاري للمدينة، وكانت البضائع التي تعرض فيها، عبارة عن الحرير والتوابل والجلود والشمع، وذلك خلال القرن الخامس عشر. أما الآن فالسياح يشترون منها الهدايا التذكارية ويتذوقون الطعام المحلي في أكشاكها

التوكتوك وعربات الخيول البيضاء في كراكوف

العربات التي تجرها الخيول والتي تشتهر بها المدينة موجودة في الساحة القديمة، ويمكن للسائح القيام بجولة بها، تضفي على زيارته نوعا من التميز، وهي إلى حد كبير تشبه جولات عربات الحنطور في مصر في الأماكن السياحية لا سيما الأقصر

ليس هذا فحسب بلا أن التكتوك المكشوف يلعب دورا آخر في المدينة فهو مزود بدليل إلكتروني،  فقط تضع السماعة في أذنك وستستمع الي شرح كل ما يقودك اليه السائق

لا شك أن قلب المدينة القديم هو أكثر مكان سياحي يذهب إليه السياح، وهو يحيط به حزام أخضر دائري بالكامل، فالسائح كلما تعب يستطيع أن يجلس على أحد الارائك تحت ظلال الاشجار الوارفة

معسكر الاعتقال النازي ومنجم الملح

أجمل ما في المدينة هو هذا التداخل ما بين السياسة، والمعارك التاريخية، والدينية، وبين الطبيعة التي سطرت فصولها في الخريطة السياحية لكاركوف، فبعيدا عن معسكر الاعتقال النازي الشهير اويسشفيتز والمحرقة التي جرت بداخله، فإن منجم الملح فيليتشكا هو واحد من أروع الإمكان التي يجب زيارتها، تبدأ الرحلة بالنزول 850 خطوه على درج إلى عمق 100 متر. نمرمن خلاله عبر جولتنا إلى ادوار متعددة  في سمك يقدر ب 300 متر، ، نشاهد فيه العديد من الغرف والآثار والأعمال الفنية بداخله وكلها مصنوعة او تم نحتها من الملح

 المنجم به فندق وصالة أفراح،  الأجواء بداخله صحية وكثير من الذين يعانون أزمات في الجهاز التنفسي يذهبون للاستشفاء فيه

زار هذا المنجم منذ سنة 2007 تاريخ وقف العمل به 41 مليون سائح وحتى الآن، وكان قد اكتشف في القرن 13 واستخرج منه الملح على مدار 700 سنة ومسموح بالتجول بداخله على مساحة 3 كيلومترات من اصل 300 كيلومترهي مساحة المنجم الكلية

لابد من العودة إلي كراكوف

إن الذهاب أيضا إلى منطقة” كازاميرا” أو الحي اليهودي الذي عاش فيه اليهود في بولندا قبل احتلال النازي للمدينة والتخلص منهم ، يعطي فرصة لرؤية هذا الجزء من التاريخ البولندي، خاصة وأن بولندا التي كان بها 3 ملايين يهودي كانت من اكبر الدول الأوربية التي يعيش فيها اليهود قبل الحرب العالمية الثانية والأن لايعيش فيها غير بضعة افراد. كراكوف مدينة تستحق الزيارة وعندما زرتها في شهر يونيو الماضي لم اكن أعرف انني سأزورها مجددا بعد 4 أشهر، إنها ليست المرة الأخيرة لآنني سأزورها مجددا كلما سنحت الظروف بذلك

Share this Article
Leave a comment