من ينابيع بافاريا إلى شواطئ المتوسط… رحلات العلاج بالماء

data
data 625 Views
5 Min Read

صلاح سليمان

في رحلة لاكتشاف مصادر الطبيعة الشافية لعلاجات الأمراض المزمنة في جنوب ألمانيا، رافقتنا “دورتا شتاين باخ” مؤلفة كتاب “أسرار بافاريا”، وهي أكثر من يعرف أسرار كل تلك العيون المائية البافارية التي لها علاقة بشفاء الإنسان من الأمراض المزمنة، فالكاتبة معروفة بأبحاثها وكتاباتها في كشف أسرار الطبيعة

علاج الالتهابات وأمراض العيون

رحلة إلى ينبوع “كيرشنفالد” المعروف أن مياهه تعالج الالتهابات وأمراض العيون، وهو يقع قرب بحيرة “كيمزي” المعروفة في مقاطعة بافاريا جنوب ألمانيا، ينبوع قديم يزوره الناس منذ أن اكتشفه الرومان في العهود السالفة، ورغم التقدم الطبي الهائل إلا أن الناس المؤمنين بعلاجات الطبيعة بعيد عن الأدوية الكيميائية ما زالوا حريصين على زيارته وتعبئة زجاجات المياه منه

شركات مياه الشرب هي الأخرى حصلت على تراخيص لاستخدام مياه الينابيع تلك في بيعها للناس، لهذا تعتبر مياه الشرب في مقاطعة بافاريا وشمال النمسا من أفضل المياه في العالم، لأن معظمها يأتي من الينابيع المعدنية الطبيعية المعروفة

المساحة الكبيرة التي تقع فيها هذه العيون ما بين ألمانيا والنمسا تقدر بألف وخمسمائة كيلو متر مربع، وهي تعتبر من أكثر المناطق الصحية في العالم تميزا، والمياه فيها غنية جدا بعناصر اليود والحديد والكبريت والمعادن الأخرى التي لها القدرة على شفاء الأمراض، ومعالجة الالتهابات، بل تمنح الجسم الطاقة اللازمة لإعادة الحيوية له لأنهم وجدوا أن مياه المنطقة مشحونة بطاقة مغناطيسية هائلة تؤثر في طاقة الجسم وحيويته

الماء الحراري

حمامات الماء الحراري تنتشر أيضا في المصحات المنتشرة في المنطقة بكثافة، وهي مياه تصل درجة حرارتها ما بين 37 إلى 40 درجة، غنية جدا بالمعادن الأرضية التي يلجأ إليها الناس لعلاجات البشرة ومتاعب العضلات والمفاصل وأمراض الدورة الدموية، أما مناجم الملح القديمة في المنطقة فقد تحولت إلى فنادق تحت الأرض للنقاهة والاستشفاء من أمراض الجهاز التنفسي

علاجات الطبيعة أصبحت معروفة حتى لدي الأطباء هنا في ألمانيا، مثلا الطبيب “نوربرت يتمان” استحدث طريقة لعلاج الإدمان، فهو يأخذ مرضاه الذين يعانون من هذه الآفة في جولات تمتد إلى 8 أيام عبر قمم وسفوح الجبال يقطعون فيها مسافات من السير تصل إلى 110 كيلو متر، ويصلون إلى ارتفاعات من القمم تصل إلى ستة آلاف متر ورغم أن هذه المهمة قد تبدو مستحيلة في حالة المدمنين الذين ينعكس الإدمان على أجسامهم، لكنه نجح في ذلك وسط أجواء الطبيعة الصحية التي تساهم بشكل كبير في تحسين حالتهم النفسية

طحالب المتوسط مفيدة لصحة الإنسان

في معرض ميونيخ السياحي قبل عدة سنوات كنت قد قابلت في الجناح التونسي الطبيب التونسي “الباهي بوعكاز” الذي أخبرني بأن السياحة العلاجية منتشرة الآن علي شواطئ المتوسط من مصر حتى المغرب ويأتي إليها سياح من ألمانيا، سويسرا، فرنسا وروسيا، ذلك أن مياه المتوسط في تلك الشواطئ تنمو فيها أنواع من الطحالب والنباتات البحرية النادرة تزيد على 25 ألف نوع، وبعد دراسات مستفيضة عرفنا أنها مفيدة جدا لصحة البشر، فهي تعالج أمراض الشرايين والالتهابات والسمنة، وربما الاختلاف الوحيد بين شواطئ هذه الدول هو اختلاف النسب بمعدل جرام أو نصف جرام من شاطئ إلى آخر، هذا فضلا عن فوائد مياه البحر المالحة أصلا في العلاج

مياه البحر علاج للفقراء

الفقراء الدين يعيشون علي شواطئ المتوسط هم أكثر صحة من الباحثين عن أجواء الرفاهية الصناعية فمثلا الاستحمام في مياه المتوسط المالحة تفيد في تنشيط الدورة الدموية الطرفية وتخفيف آلام التصلب والتشنج العصبي الناتج عن بعض الأمراض الروماتيزمية المزمنة، فالإنسان حينما يغوص بجسمه في ماء البحر حتى الرقبة ينخفض وزنه من 6 إلى 10 % وبذلك يشعر مريض المفاصل بالراحة، والسبب الثاني يتمثل في الطبيعة الكيمائية للبحر حيث إن ماء البحر والبلازما يزودان الجسم بعناصر الصوديوم والكالسيوم والبوتاسيوم والكلور وكلها عناصر تحتاجها المفاصل بشدة..لكن كي تتمكن هذه العناصر من التسلل إلى الجلد يجب أن تتراوح درجة المياه ما بين 30 و 35 درجة. وهي الدرجة الموجودة في المياه الحرارية التي تأتي من باطن الأرض

تلوث مياه المتوسط

برامج العلاج علي شواطئ المتوسط واحدة فهي تشمل السباحة يوميا في البحر، والمشي علي الشاطئ، ثم التغذية الصحية، وتتوقف كميتها ونوعيتها علي سن المريض، لكن بصفة عامة لأتخرج عن الخضر، الفواكه، والغلال، أما اللحوم فهي لاتخرج عن اللحوم البيضاء والأسماك

قد يخاف الناس من تلوث شواطئ المتوسط نتيجة إهمال الحكومات، وبناء القرى السياحية، وبسبب عدم الاكتراث بتصريف النفايات في مياه المتوسط ـ لكن هناك حقيقة علمية تؤكد أن مياه البحار هي في تجدد مستمر بسبب العناصر والأملاح الذائبة التي تأتيها من الحمم البركانية، ومن الأنهار بمعدل يصل إلى ملايين الأطنان سنويا، هذا فضلا عن الغبار الكوني الناتج عن الفضاء الخارجي، وعملية التحلل الكيماوي لكائنات البحار نفسها

Share this Article
Leave a comment