كتب: سليم نويجع
تقترب المملكة العربية السعودية من تحقيق إنجاز سياحي عالمي، إذ تستعد شركة البحر الأحمر الدولية لافتتاح 19 منتجعًا فاخرًا في وجهتي البحر الأحمر وأمالا بحلول نهاية العام الجاري، في خطوة تعكس تحوّلًا جذريًا نحو السياحة البيئية المستدامة وتنمية الاقتصاد الأخضر.
وخلال مشاركته في جلسة “إعادة تعريف حدود المدن” ضمن فعاليات منتدى الاستثمار السعودي الأمريكي بالرياض، أشار الرئيس التنفيذي للشركة، جون باغانو، إلى أن المرحلة الحالية تضع سقفًا سنويًا لعدد الزوار لا يتجاوز مليون سائح، حرصًا على الحفاظ على التوازن البيئي الهش في هذه المنطقة الطبيعية الفريدة.
وأكد باغانو أن السعودية اليوم تقود نموذجًا تنمويًا جديدًا يتجاوز مفهوم “الاستدامة” التقليدية، ليتبنى ما يُعرف بـ”التنمية التوليدية”، التي تهدف إلى ترميم البيئة وتحسينها، وليس فقط الحفاظ على حالتها الراهنة. وقال: “عندما وصلت إلى المملكة، كانت لدي تصورات مسبقة، لكن ما رأيته على الساحل الغربي كان أشبه بالكنز المدفون: جزر بكر، شعاب مرجانية نابضة بالحياة، ومياه صافية تأسر الأنظار”.
وفي إطار تنفيذ رؤية السعودية 2030، بدأت الشركة أولى خطواتها بإطلاق خمسة منتجعات خلال عام 2023، على أن يشهد عام 2025 الانطلاقة الكبرى بافتتاح 19 منتجعًا تمتد على ساحل طوله 120 كيلومترًا ضمن مشروعي البحر الأحمر وأمالا.
ولم تكن البنية التحتية أقل طموحًا، حيث قامت الشركة ببناء مطار دولي حديث يخدم المنطقة، ويغذى بالكامل بطاقة متجددة على مدار الساعة، ليصبح نموذجًا عالميًا للسياحة المستدامة. ومن المتوقع أن يسهم المشروع في تقليل انبعاثات ثاني أكسيد الكربون بنحو مليون طن سنويًا.
وتعمل شركة البحر الأحمر الدولية على تأسيس شبكة واسعة من الشراكات، خصوصًا مع شركات أمريكية في مجالات التصميم والهندسة والتقنيات والطيران، فضلًا عن توقيع عقود استراتيجية في البنية التحتية مع مؤسسات من القطاعين العام والخاص.
وعززت العلامات التجارية الفندقية العالمية، مثل ماريوت، حياة، وهيلتون، من ثقة المستثمرين في المشروع، بعدما أصبحت جزءًا أساسيًا من التجربة السياحية الجديدة التي تقدمها المملكة.
ورغم الطابع الفاخر لبعض المنتجعات، أوضح باغانو أن المشروع لا يستهدف فقط الطبقات الثرية، بل يسعى لاستقطاب الزوار من مختلف الشرائح عبر افتتاح مرافق سياحية بأسعار متنوعة، تشمل فنادق من فئة الأربع نجوم، ما يعكس التزام المشروع بشمولية التجربة.
البيئة تظل في صلب كل ما تقوم به الشركة، إذ يُفرض على جميع مراحل المشروع التقيّد الصارم بالمعايير البيئية، لتفادي أي تأثيرات سلبية على الطبيعة. وأكد باغانو: “الكل يتحدث عن الاستدامة، لكننا نذهب أبعد من ذلك، نحو تجديد النظام البيئي. نعيد تأهيل الشعاب المرجانية، نزرع أشجار المانغروف، ونعتمد بالكامل على الطاقة المتجددة، دون أي انبعاثات أو تلوث”.
وتمثل شبكة شحن السيارات الكهربائية، التي تعتمد على الطاقة النظيفة 100%، إحدى أبرز العلامات الفارقة في البنية التحتية الذكية للمشروع.
وختم باغانو حديثه بالتأكيد على أن الهدف الأسمى يتجاوز مجرد بناء منتجعات، بل يسعى إلى ترك إرث بيئي مُلهم، يشجع الآخرين على تبني ذات النموذج في مواجهة تغير المناخ وحماية كوكب الأرض.