كتبت: هدى الشريف
اكتشف موطن أضخم سحلية على وجه الأرض وأسرارها المدهشة
تعتبر جزيرة كومودو في إندونيسيا واحدة من أكثر الأماكن غموضًا على كوكبنا، حيث تُخفي بين تضاريسها الوعيرة كائنًا يعود إلى عصور ما قبل التاريخ: تنين كومودو، أضخم سحلية لاحمة في العالم.
تقع هذه الجزيرة الأسطورية ضمن أرخبيل جزر سوندا الصغرى في مقاطعة نوسا تنقارا الشرقية، وتحديدًا بين جزيرتيْ سومباوا وفلوريس، وهي جزء من متنزه كومودو الوطني المُدرج ضمن مواقع اليونسكو للتراث العالمي منذ 1991.
جوهرة إندونيسيا البرية
تبلغ مساحة جزيرة كومودو حوالي 390 كم²، بينما يغطي المتنزه الوطني بأكمله (الذي يضم جزرًا أخرى مثل رينكا وبادار) مساحة تصل إلى 1,733 كم². تتميز الجزيرة بمناظرها الخلابة التي تجمع بين السهول الساحلية والغابات الاستوائية والتلال البركانية، مما يجعلها موطنًا فريدًا للتنوع الحيوي.
تنين كومودو: ملك الجزيرة الذي لا يُضاهى
يُعرف علميًا باسم Varanus komodoensis، وهو ليس مجرد سحلية عملاقة، حيث يعد آخر ممثل لعائلة “فارانيداي” التي تعود إلى عصر البليوسين قبل 3.8 مليون سنة. قدرته على البقاء رغم التغيرات المناخية تُعزى إلى تكيفه مع البيئات القاسية عبر تطوير آليات صيد متطورة. كما يمتلك خصائص تثير الدهشة:
– الحجم والوزن: يصل طول الذكور البالغة إلى 3 أمتار، ووزنها إلى 135 كغم، بينما تزن الإناث نحو 90 كغم.
– الجلد الحرشفي: تغطيه حراشف صلبة تشكل درعًا واقيًا حتى من الإبر!
– العضة القاتلة: لعاب التنين يحتوي على أكثر من 64 نوعًا من البكتيريا المميتة، بالإضافة إلى غدد سُمية تُسبب شللاً ونزيفًا للفريسة.
– السرعة والمهارة: رغم حجمه الضخم، يمكنه الركض بسرعة 20 كم/ساعة والغوص لعمق 4.5 أمتار.
النظام الغذائي: مفترس لا يرحم
يتغذى التنين على أي شيء يتحرك: من الغزلان والجاموس إلى القوارض وحتى صغار التنانين!
لماذا تُعد الجزيرة مهمة علميًا وسياحيًا؟
1. نافذة على التطور: يعتقد العلماء أن تنين كومودو تطور منذ 40 مليون سنة، مما يقدم رؤى فريدة عن تطور الزواحف.
2. مختبر حي للبحث: تُدرس بكتيريا لعابه لإنتاج مضادات حيوية جديدة.
3. جذب سياحي عالمي: يزور الجزيرة آلاف السياح سنويًا لمشاهدة التنانين في موطنها الطبيعي، مما يدعم الاقتصاد المحلي.
معلومات صادمة قد لا تعرفها عن التنين:
– *الحمل دون تزاوج: يمكن للإناث التكاثر عبر التوالد العذري (Parthenogenesis) في غياب الذكور!
– عمر طويل: يعيش حتى 30 عامًا في البرية.
– حاسة شم خارقة: يكتشف رائحة الدم من على بعد 9 كم.
التحديات البيئية:
رغم تصنيف التنين كـحيوان معرض للخطر، تواجه الجزيرة تهديدات مثل الصيد الجائر وتغير المناخ، مما دفع الحكومة الإندونيسية إلى تقييد السياحة في بعض المناطق منذ 2019 للحفاظ على النظام البيئي.
جزيرة كومودو هي متحف طبيعي يُجسد قوة التطور وقسوة الطبيعة. زيارة هذه الجزيرة تعني السفر عبر الزنابق إلى عصر الديناصورات، حيث لا يزال “التنين” الحقيقي يحكم الأرض بلا منازع.