أجواء الشرق الأوسط المشتعلة تخنق الطيران العالمي.. وشركات أوروبية تحت ضغط التكاليف والتغيير

admin
admin 12 Views
4 Min Read

مصر/ كتبت: سارة هليل

 

وسط تصاعد التوترات الجيوسياسية في منطقة الشرق الأوسط، باتت شركات الطيران الأوروبية تواجه تحديًا متفاقمًا مع انكماش المسارات الجوية المتاحة، نتيجة تداعيات الصراع بين إسرائيل وإيران، في وقت لا يزال قطاع الطيران يحاول استعادة توازنه بعد تحطم طائرة “بوينغ 787 دريملاينر” التابعة لشركة “إير إنديا” مؤخرًا في الهند، والتي أودت بحياة أكثر من 290 شخصًا.

 

وتُعد شركات كبرى مثل “إير فرانس – كيه إل إم”، و”لوفتهانزا”، و”ويز إير” من بين أكثر من 150 شركة طيران حول العالم اضطرت إلى إعادة رسم خرائط رحلاتها أو إلغاء بعضها، عقب إغلاق الأجواء فوق إسرائيل والعراق والأردن نهاية الأسبوع الماضي، ما أدّى إلى ضغط مضاعف على ممرات جوية بديلة أعلى تكلفة، وأطول زمنًا، وأشد زحامًا.

 

ويأتي هذا التحدي في وقت كانت فيه الشركات الأوروبية بالفعل تتجنب التحليق فوق المجال الجوي الروسي منذ اندلاع الحرب في أوكرانيا، ما ضيّق خيارات الطيران بين أوروبا وآسيا إلى شريط جوي محدود جدًا. وبحسب مصادر مطّلعة في واحدة من كبرى شركات الطيران الأوروبية، فإن الوضع بات أكثر تعقيدًا من مجرد “إغلاق مؤقت”، حيث أصبح المجال المتاح فعليًا لا يكاد يتسع لحجم الحركة العالمية.

 

وتتوالى سلسلة التحديات التي تلاحق شركات الطيران، حيث أظهرت بيانات “فلايت رادار 24” أن أكثر من 3 آلاف رحلة طيران تم إلغاؤها يوميًا في الشرق الأوسط منذ اندلاع المواجهات الأخيرة. كما بدت السماء خالية إلى حد كبير فوق كل من إيران والعراق وسوريا، في حين أعادت الرحلات التوجه عبر أجواء السعودية ومصر لتجنب مناطق التوتر.

 

الخطوط الأوروبية اضطرت مؤخرًا إلى تعليق العشرات من رحلاتها أو تعديل مساراتها، نتيجة اعتبارات السلامة، وبشكل خاص تفادي التحليق فوق شمال السعودية. ومع استمرار غياب الأجواء الروسية من الخيارات، ارتفعت تكاليف التشغيل نتيجة استهلاك الوقود الإضافي والتمديد الزمني للرحلات، فضلًا عن التعقيدات اللوجستية المرتبطة بإعادة التزود بالوقود وتبديل الطواقم في بعض المسارات الطويلة.

 

في هذا السياق، انخفضت أسهم كبريات شركات الطيران الأوروبية مع تصاعد التوتر العسكري في المنطقة، خاصة بعد الهجمات الإسرائيلية على مواقع تابعة للبنية العسكرية الإيرانية. كما زادت أسعار النفط العالمية بنسبة 8%، ليصل خام برنت إلى 70.8 دولارًا للبرميل، ما يُضيف عبئًا مباشرًا على نفقات الوقود، أحد أبرز مكونات تكلفة التشغيل.

 

ويرى محللون أن هذه التطورات لا تمثّل مجرد أزمة مؤقتة، بل تعكس اتجاهاً متصاعداً في تعقيد الحركة الجوية الدولية، خصوصًا أن الأجواء فوق الشرق الأوسط تُعد من بين أكثر المسارات الجوية ازدحامًا عالميًا. ويؤكد مستشار الطيران جون ستريكلاند أن إعادة رسم خطوط الطيران بسبب هذه الظروف سيظل خيارًا مكلفًا وصعبًا.

 

أما شركات الطيران الصينية، فتواصل استخدام المجال الروسي للوصول إلى آسيا، بينما تلجأ الشركات الأمريكية إلى المسارات عبر المحيط الهادئ، ما يعمّق الفجوة في التكاليف بين الخطوط العالمية ويؤثر على توازن المنافسة.

 

وأشارت “لوفتهانزا” إلى أن الرحلات من فرانكفورت وميونيخ إلى شرق آسيا تستغرق الآن وقتًا أطول بنحو ساعة كاملة، نتيجة التحولات في المسارات. وفي حال تفاقم النزاع بين إسرائيل وإيران، فإن بعض الشركات تدرس إمكانية إدراج محطات توقف إضافية لإعادة التزود بالوقود وتغيير الطواقم.

 

ويبدو أن شركات الطيران العاملة في منطقة الشرق الأوسط تأتي ضمن قائمة الأكثر تأثرًا بهذه التطورات، وسط استمرار حالة من القلق من اتساع رقعة الأزمة وتكرار اضطرابات الإلغاء والتأخير، ما يضع القطاع بأكمله أمام سيناريو معقد يُهدد بتقويض الجهود الدولية الرامية لتعافي قطاع الطيران.

Share this Article
Leave a comment