عسير: قلب الجنوب النابض بين روائع الطبيعة وإرث الحضارة في السعودية

admin
admin 39 Views
5 Min Read

 

 

السائح الخليجي – هدى الشريف 

 

تتربع منطقة عسير في صميم الجنوب السعودي، شاهدةً على ذاكرة سياحية زاخرة بالحياة، كما تصفها نورة مروعي عسيري، مستشارة الإعلام السياحي والمرشدة السياحية. والتي أوضحت في حديثها لصحيفة النهار اللبنانية،  أن مسيرة التحولات والتجارب التي عاشتها المنطقة جعلت منها ثروة وطنية لا تُقدر بثمن.

 

أكدت مستشارة الإعلام السياحي أن الكرم في عسير ليس طارئًا ولا طيفًا عابرًا، بل هو راسخ في الجذور، تغذّيه تضاريس المنطقة وتنمّيه عاداتها. وتضيف أن تنقل القوافل تاريخيًا بين السهول والسواحل شتاءً، وصعودها إلى المرتفعات صيفًا، نسج نمط حياة فريدًا يتجلى في تفاصيل الثقافة العسيرية، حيث يزين المشهد “برد عسير” كتاج مرصّع بالبلّور واللؤلؤ على رأس أميرة.

 

على جانبي الطرق، تكتمل لوحة الجمال. يعرض باعة الفاكهة الموسمية التين الشوكي (البرشومي)، والعنب، والرمان، والتوت، في مشهد ينم عن خصوبة الأرض وكرم الطبيعة. بينما تفوح أريج خبز التنور الطازج من أيدي الجدات، وقد زُينت الأرغفة بـ”القبضة” التقليدية”.

 

قافلة السياحة: نقطة تحول محورية

توضح نورة إلى أن التحول الكبير في المشهد السياحي بعسير بدأ مع إطلاق “قافلة السياحة”، المبادرة التي أطلقها الأمير خالد الفيصل أثناء توليه إمارة المنطقة، والتي أطلقت مرحلة جديدة من الوعي بثراء المقومات السياحية. من ساحة البحار إلى الساحة الشعبية، كانت الفرق الشعبية تؤدي استعراضاتها كفرسان في ميدان الحب لا الحرب، على إيقاعات التراث والفولكلور الأصيل.

 

 

وأردفت:” أنه في  عام 2017، توجت أبها عاصمةً للسياحة العربية، وهو ما وصفته عسيري بأنه “تتويج لسنوات من التخطيط والعمل، وانطلاقة حقيقية مع رؤية السعودية 2030، التي أعادت تعريف السياحة كقطاع استراتيجي يشهد نموًا متسارعًا وتحولًا نوعيًا.”

 

“عروس الجنوب”: أكثر من مجرد لقب

ترى نورة أن لقب “عروس الجنوب” الذي تحمله أبها يتجاوز كونه وصفًا شعريًا، ليعكس واقع موقعها الجغرافي الفريد، ومناخها المعتدل، ومرتفعاتها الخضراء التي يحتضنها الضباب كل صباح. وتستشهد بأبيات الشاعر الدكتور إبراهيم أبو طالب: أبها الجَميلةُ جَنَّةٌ في سِحْرِهَا.. وقَصيدةٌ نَشْوَى يَرِقُّ غِناها

 

أبها: جسر بين الأصالة والحداثة

قبل أن تصبح وجهة سياحية حديثة، كانت أبها حاضرة تاريخية وثقافية عريقة. فهي العاصمة الإدارية لمنطقة عسير، ومركز غني بالتراث العمراني، وشريك أساسي في بناء الدولة السعودية الحديثة، ومنبع للهوية الثقافية التي حافظت على تميّزها عبر الأجيال.

 

وتوضح نورة أن قلاع آل أبو نقطة المتحمي وحصونهم في طبب التاريخية تُجسّد رمزًا تاريخيًا بالغ الأهمية، مشيرة إلى أن “اعتمادها ضمن قائمة مواقع منظمة السياحة العالمية (UNWTO) شكّل نقطة تحول مفصلية في مسار السياحة بعسير، لما تمثله من اعتراف دولي بالتراث، وتحفيز للاستثمار، وتفعيل لدور المجتمع المحلي في الحفاظ على الموروث.”

 

 

القط العسيري: حكاية تراثية مرسومة

 

تُبرز نورة فن “القط العسيري” كواحد من أبهى تجليات الثقافة المحلية، مشيرة إلى أن هذا الفن الجداري، الذي مارسته نساء عسير بتلقائية دون تعليم رسمي، **”يُجسّد روح المجتمع العسيري ويُعبّر عن الذوق الشعبي والوظيفة الاجتماعية في آن واحد.”** وتضيف أن إدراج القط العسيري ضمن قائمة التراث الثقافي غير المادي في اليونسكو عام 2017 شكّل اعترافًا عالميًا بأصالته، ويمكن مشاهدته اليوم في المنازل القديمة، والمتاحف، والقرى التراثية، وحتى الفنادق.

 

الطموح السياحي: نحو آفاق عالمية

وتوضح المرشدة السياحية أن التحول الأخير لا يقتصر على مظاهر السياحة، بل يشمل الرؤية الاستراتيجية التي تقودها القيادة السعودية، وما تقدمه وزارة السياحة وهيئة تطوير عسير من برامج ومبادرات، أبرزها برنامج تنمية رأس المال البشري السياحي، الذي “يساهم في بناء قطاع احترافي بمقاييس عالمية.”

 

وتؤكد أن هذا التوجه توج بالإعلان عن استضافة المملكة لكأس العالم 2034، واختيار أبها ضمن المدن المضيفة الخمس، وهو ما اعتبرته “حدثًا سياحيًا بامتياز، لأنه سيجمع بين كرة القدم العالمية وطبيعة عسير الساحرة، لتكون وجهة لا تُنسى لعشّاق الساحرة المستديرة من مختلف أنحاء العالم.”

 

 

“أبها ليست وجهة… إنها شعور. إنها المكان الذي تشعر فيه أنك وصلت حيث ينتمي قلبك.”بهذه الكلمات تختصر نورة تجربتها كمرشدة سياحية، مؤكدة أن “السائح قد يلفته جمال المشهد، لكن ما يأسره فعلًا هو قصة المكان، ومن مرّ من هنا، ومن عاش هناك. فحين تقترن الصورة بالحكاية، تصبح الذكرى حيّة لا تُنسى… وهذه هي السياحة الحقيقية.”

 

Share this Article
Leave a comment