صلاح سليمان
Salah.solima@qgmx.de
في فعالية ثقافية في صالة الفن في ميونيخ، تعرض مجموعة فنية رائعة من لوحات الرسام الأسباني المعروف “Ignacio Zuloaga” اجناسو زولواجا، (26 يوليو 1870-31 أكتوبر 1945 “حيث ولد في ايبار في إقليم الباسك الأسباني
أطلق علي زولواجا رسام” الروح الأسبانية “، فهو من أقدر الفانانين الأسبان الذين انحازور إلى القومية الأسبانية وصوروها في لوحاتهم ومعارضهم، التي تعرض في الخارج ومنها ميونيخ الآن، هو الأكثر قدرة علي رسم صورة أسبانيا في الخارج من خلال تاريخه الفني الكبير، فقد برع في رسم مصارعي الثيران بكل تفاصيلهم، وفي رسم راقصي الفلامنكو المفعمين بالحيوية والنشاط، كما اهتم برسم الصغار، والمتسولين، ورسم المناظر الطبيعية والقرى الأسبانية البسيطة، وكل تفاصيل الشارع الأسباني في تلك الحقبة الزمنية، ومع ظهور الثورة الصناعية الأوربية وتوجه أسبانيا نحو أوربا الحديثة استمر ولواجا جاهدا في طريقه الذي رسمه لنفسه وهو الحفاظ علي الروح الاسبانية في رسوماته مما اكسبه نجاحا عالميا كبيرا
لقد لاحظت في زيارتي لمعرضه المقام حاليا في ميونيخ، أنه برع في رسم الشخصية الأسبانية واهتم برسم تفاصيل الأزياء الأسبانية في ذلك الزمن، حتي أنك تستطيع أن تأخذ صورة واضحة عن الوجوه والأزياء الأسبانية في تلك الفترة الزمنية
هذا المعرض ليس فقط استكشافا للفن الأسباني في تلك الفترة الزمنية، بل كذلك استكشاف لمسيرة زولواجا وتنقله ما بين أسبانيا وفرنسا، ومن ثم عودته إلى أسبانيا واستقراره في بلده من جديد، مما جعل رسواماته تضعه ضمن السياق التاريخي والثقافي لعصره
من خلال التدقيق في اللوحات المعروضة في ميونيخ، نلاحظ أن اللون الأسود والرمادي هو السائد في لوحاته، وهو ما حدا بالبعض إلى توصيفه كرسام لأسبانيا الكئيبة والقاتمة” السوداء “على عكس مثل خواكين سوروكا (1863-1923) الذي اعتبر ممثل للشعبية المبهجة
لا يمكن مشاهدة المعرض دون التطرق لحياة زولواجا، فهو قد ولد لعائلة تعمل في صناعة المعادن، وهي مهنة كانت تحظى بالاحترام في أوربا، لانت عائلته كانت تصنع الأسلحة التي تستخدمها الطبقة النبيلة، وخلال رحلة قصيرة له وهو صغير السن إلى إيطاليا مع والده، قرر أن يصبح رسام بعد أن بهرته إيطاليا بفنونها في ذلك الوقت
في سن 18 انتقل إلى باريس، واستقر في مونمارتر، وعرضت أولى لوحاته في صالون باريس لعام 1890. ثم واصل دراسته في باريس، حيث عاش لمدة خمس سنوات بعد ذلك قرر العودة والاستقرار في اشبلية ثم سيغوفيا بعد ذلك، اهتم أيضا في تلك الفترة برسم شخصيات صارخة في اطارمناظر طبيعية، أو منظر لقرية في خلفية الأشخاص، كما اهتم برسم صور الأصدقاء وأفراد العائلة فيما بعد. لكنه في كل الأحوال كان يفضل الألوان الترابية أو الصامتة، الأسود والرمادي، باستثناء قليلا الملابس الشعبية الملونة خاصة اللون الأحمر الفاتح الذي استخدمه في بعض اللوحات
في بداية حياته العملية شعر بالإهانة عندما رفضت لوحاته للمشاركة في معرض بروكسل عام 1900، ثم بعد ذلك تم قبوله في بينالي البندقية في عامي 1901 و1903، وعرض 34 لوحة قماشية في معرض برشلونة الدولي لعام 1907
يقول عنه النقاد إنه سعي إلى تسجيل الحياة الرائعة المفعمة بالحيوية في لوحاته واختص بها الأنواع الشعبية التي لم تفسد مع الحداثة، فهو لم يكن يتردد في إي شيء ما قبل أن ينجزمفهومة في إكمال لوحاته، كان لا يتردد في الابتعاد إلى الجبال، ولا أن يقضي شهورا مع المهربين والبغال، أو يكون بصحبة المتعصبين والمتطرفين في سبيل وضع التصور الصحيح لرسوماته
أن ختام الجولة بين لوحاته يعطينا فكرة شديدة الوضح عن أسبانيا في ذلك الوقت من الزمن، خاصة أنه كان جريئا، بل يكاد يكون متعصبا للتفاصيل اليومية في الحياة الأسبانية التي تميز أسبانيا عن غيرها من الدول الأوربية، وتكاد تكون بعض أعماله تتسم بالتحدي والجراءة
ومن أبرز مميزاته أنه لم يكن يسعى إلى الحصول على التعاطف الشعبي، قدر اهتمامه بوضع بصمات فكرة التي أخلص لها علي لوحاته